+ A
A -
جيل جديد من القادة يصل الآن إلى مواقع القرار في القارة الأوروبية. قطعاً ليست «موجة» كما جاء في بعض الكتابات، بل هو اختيار واع ومتبصر.
سياسيون شباب يتدفقون حيوية يقودون الآن «القارة العجوز»، أبرزهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (39 سنة).. والآن النمساوي المحافظ سيباستيان كورتز (31 سنة)، الذي تصدر حزبه «حزب الشعب» المحافظ نتائج الانتخابات بعد أن حصل على 30 بالمائة من الأصوات متقدما على اليمين المتطرف والتحالف الحاكم الذي كان يضم الاشتراكيين. هكذا أصبح الطريق سالكاً أمام كورتز نحو منصب مستشار النمسا.
أطلق الإعلام النمساوي على سيباستيان كورتز لقب «الشاب الرائع». خلال الحملة الانتخابية طرح هذا السياسي الأشقر الفارع الطول شعاراً يقول «أيها الأصدقاء إنه زمن التغيير» وأيضاً «حانت فرصتنا للتغيير». قاد كورتز حملة انتخابية متأثراً بأسلوب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي كان شعاره المحوري هو «التغيير الذي نرغب فيه» أو «التغيير الذي نؤمن به».
خلال الحملة الانتخابية دأب كورتز على ارتداء بذلة ضيقة مع قميص أبيض وبدون ربطة عنق.
على الرغم من أن «حزب الشعب» (وسط اليمين) لم يكن يجذب الناخبين فإن سيباستيان كورتز بدا شخصية أكثر شعبية من الحزب الذي يقوده، وعمل على إعادة بناء هذا الحزب بعد أن تولى وزارة الخارجية والإدماج في عام 2013، ليصبح وقتها أصغر وزير خارجية في العالم. ومنذ ذلك الوقت بات يوصف بأنه «الرجل الذي يمكنه أن يمشي فوق الماء».
أخفق كورتز في الحصول على درجة جامعية في القانون، على الرغم من تحدره من أسرة متعلمة، إذ أن والده مهندس، في حين عملت والدته أستاذة.على الرغم من «الإخفاق التعليمي» فإن سيباستيان كورتز السياسي الشاب والديناميكي انطلق دون عقد لإطفاء أسلوب جديد على الساحة السياسة في النمسا.
في المقابل أثار صعود حزب سيباستيان كورتز قلقاً وسط اللاجئين، حيث تعهد بأن ينتهج سياسة متشددة مع اللاجئين الذين تدفقوا على النمسا من منطقة الشرق الأوسط. وكان كورتز استقطب أصوات اليمين عندما أغلق ممر الهجرة في البلقان، ووعد بأن يقلص المساعدات الاجتماعية التي تقدم للمهاجرين بما في ذلك رعايا دول الاتحاد الأوروبي.
وقال للناخبين «قرارنا بإغلاق طريق البلقان في العام الماضي كان صائباً، وسأقاتل من أجل إغلاق طريق المهاجرين القادمين من الشرق الأوسط عبر البحر الأبيض المتوسط»، هذه التصريحات راقت كثيراً الناخبين من كبار السن.
اعتمد كورتز كثيرا في صعوده السياسي على شبكة «التواصل الاجتماعي» وأضحى يمثل قدرة الديمقراطية الأوروبية على تجديد نخبها.
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في معرض تعليقه على فوز سباستيان كورتز إن الديمقراطية الأوروبية تحاول إنقاذ نفسها بالرهان على الشباب والنساء(حالة أنغيلا ميركل في المانيا وتيريزا ماي في بريطانيا).
لا يقتصر الأمر في أوروبا على إيمانويل ماكرون أو سيباستيان كورتز، بل هناك قادة آخرون في مناطق أوروبية أقل أهمية. منهم إغور لوكسيك الذي شغل منصب رئيس وزراء مونتينيغرو (الجبل الأسود) من عام 2010 إلى عام 2012 حيث كان عمره لا يتعدى 34 سنة. وكذلك عاطفة يحيى آغا منصب رئيسة لكوسوفو في الفترة من 2011 إلى 2016، وهي أول امرأة تقود الحكومة في البلاد على الإطلاق. وكانت أيضاً أصغر شخص يُنتخب لمنصب حكومي في كوسوفو وعمره آنذاك 36 سنة.
إذا كانت أوروبا أقرت وقبلت بالدور الريادي للولايات المتحدة في العالم، لكن يبدو أنها غير مستعدة بعد الإقرار بحق التفرد خاصة على مستوى القيادات السياسية. ويعتقد الأوروبيون أنهم راكموا من الحكمة مخزوناً يزيد في تأثيره عما راكمته الدول الأخرى بقوة السلاح. هذه الحكمة تتجلى الآن في فتح الطريق أمام جيل من الشباب لقيادة القارة العجوز.
بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
21/10/2017
2791