+ A
A -
في مطلع يونيو الماضي حذر فلاديمير بوتين من ان تؤدي اقامة «مناطق خفض التصعيد» في سوريا الى تقسيم البلاد، لكنه انتقل في خطاب له مساء الخميس من التحذير الى التوقع.. وفاجأ العالم بما قال.
وبعد ان ابلغ الرئيس الروسي منتدى للحوار في مدينة سوتشي، بأن موسكو والنظام في دمشق سيهزمان الارهابيين قريبا، رمى قنبلته حين قال اننا «نأمل بتفادي مخاطر تقسيم سوريا»، والتعاون مع الشركاء لمنع حدوث كارثة كهذه.
ورغم إصرار «القيصر» على ان موسكو حققت نتائج ايجابية في سوريا «بصعوبة بالغة سببها التناقضات الكبرى في المنطقة»، فقد حرص على القول إن حكومته كانت «صبورة وحذرة وعملية بشكل متزن مع جميع القوى الدولية والاقليمية، آخذة مصالحنا بعين الاعتبار».
هذه الاعترافات والتبريرات المهمة، سبقها قول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل شهر بالضبط، إنه «من غير الجائز السماح بتقسيم سوريا لأن ذلك سينجم عنه رد فعل متسلسل في الشرق الاوسط»، ما يعني انتشار الفوضى وحمى التقسيم.
لم يكتف الروس بتبشيرنا بالتقسيم المحتل، بل بأفكار جديدة - حسب وصفهم - حول الحوار السوري - السوري، وبجنيف وآستانا جديدين، وهذا ما يعني على ارض الواقع العودة الى ما هو أسوأ بكثير من المربع الاول، إذا قُدر للتقسيم ان يتفعّل، لا سمح الله، الى ثلاث مناطق، واحدة للعلويين والثانية للسنة والثالثة للمتطرفين، كما يتردد منذ مدة.
وإذ يتصرف بوتين كمن يشعر بالصقيع السيبيري يغزو وجدانه، فقد بدا بعد تصريحاته الجديدة، عاجزا عن ضمان المستقبل الذي رسمه لسوريا. ففيما كان يقول انه من المستحيل فصل المعارضة المعتدلة عن المجموعات الارهابية، ها هو يقول شيئا معاكسا: «من السهل فصل المعارضة المسلحة عن الارهابيين»، كداعش والنصرة.
وظهر قلق زعيم الكرملين على حقيقته عندما اعتبر ان مناطق خفض التصعيد يجب ان تصبح نموذجا للحوار السياسي بينها مستقبلا، إذا اريد الحفاظ على وحدة الاراضي السورية. كما لم يتردد عن الدعوة إلى حوار مماثل بين حكومة الاسد والمعارضة، وهي سابقة لم تكن واردة.
وللتغطية على عيوب المقاربة الروسية تجاه سوريا، اتهم شركاء لم يسمهم بالسعي الى ادامة الفوضى في المنطقة، كما شكا من حدة المنافسة في سلّم السلطة العالمية قاصدا أميركا وبلاده، ليعلق على هذه الشماعة بعض اخفاقه في الابقاء على الوحدة السورية.
لم تكن القضية السورية موضع اهتمام موسكو في الاصل، وما تحالف بوتين مع النظام وإنقاذه من هزيمة محققة على ايدي الثوار قبل عامين، إلا بيدقا في المنافسة الشطرنجية مع واشنطن. ولا تهم بوتين وحدة العراق ايضا، بدليل انكشاف حجم المستوردات البترولية الروسية الهائلة من اقليم كردستان المتمرد على حكومةبغداد المركزية، قبل ان يذعن البرازاني امس لمطالب الدولة، وينهي حلم استقلال جاء في غير وقته.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
21/10/2017
2779