+ A
A -
القمة ستعقد بموعدها في الكويت، وقطر ستحضر، والخليجيون سيجتمعون رغم الخلافات. وإذا لم يتحقق ذلك ومر عام 2018 في غياب قرارات جماعية في القمة الثامنة والثلاثين بديسمبر القادم، فإن المزيد من التباعد يعني المزيد من الجفاء، والمزيد من الاسترخاء، والمزيد من الانقسام، والمزيد من قبول الأمر الواقع بمرارة في البداية، ورضوخ لا مفر منه في النهاية.
لا نتصور مجلس تعاون في غياب إحدى دوله الست، فالمنظومة بنيت على هذا الأساس، والشهور الخمسة التي انقضت على الحصار، وفَّرت ما يكفي من الدلائل والمؤشرات التي لا تصب في صالح التماسك الخليجي، خاصة أن الدوحة تغلبت على الحصار وأصبح لديها بدائل تمكنها من شق طريقها وبناء مستقبلها بوحدانية ونجاح، إذا اختار الذين فرضوا الحصار عليها، تَرْكَ مجلس التعاون في عهدة الانقسام، أو على أعتاب التفكك والتصفية.
لا نظن أن قطر تريد ذلك أو تسعى إليه، وهذا ما عبرت عنه بشتى السبل الممكنة منذ الأيام الأولى التي أعقبت القرصنة الالكترونية سيئة الصيت التي خلقت الأزمة الراهنة.
ورغم انكشاف المؤامرة أمام العالم، أبى الذين افتعلوها أن يعترفوا وركبوا رؤوسهم، ولم يعد ممكنا الرجوع إلى الصواب، إلا إذا بدأت دول الحصار رحلة الهبوط التدريجي من الشجرة العالية التي تسلقتها غدرا ودون وجه حق.
وهم يعلمون، وكذلك الوسطاء وفي مقدمتهم الكويت والولايات المتحدة، أن مفتاح الحل ليس بيد الدوحة، فلا شيء لديها لتتنازل عنه ولم ترتكب إثما يتطلب الاعتذار. بل إن المفتاح بيد الذين حاكوا المقامرة الخطرة دون أن يحسبوا حساب الفشل.
حتى الآن لم توزع رقاع الدعوة إلى القمة، وأمانة المجلس حائرة كالدول الأعضاء. فهل تُدعى قطر ومن سيوجه إليها الدعوة، وهل تأذن الرياض بذلك؟ وهل إذا غُيبت قطر ستنتهي الأزمة، أم ستتفاقم وتتعمق وتطول؟
السؤال الأخير لا يحتاج إلى رد، وغياب قطر يعني تغييب الحل وانقسام الآراء وموت الإجماع الخليجي، ما يجعل حتى التأجيل خيارا أفضل من الانعقاد دون مشاركة الدوحة.
لذلك فمن الطبيعي الاستنتاج أن المشاركة القطرية محتومة، لكن إنجاز التسوية أثناء انعقاد القمة إذا التأمت، يبدو بعيد المنال، إلا إذا أثمرت مشاورات وكواليس وضغوط الأسابيع الباقية على القمة الثامنة والثلاثين، وأرست قواعد تلك التسوية.
وفي كل الأحوال، فإن قطر التي هزمت الحصار تماما استبقت الأزمة باقتدار وتحوُّط، عندما ضمنت علاقات تحالفية ووقعت معاهدات دفاعية مع قوى إقليمية كبرى تعهدت بالمساهمة في حمايتها من أي قرارات متسرعة أو مضايقات حمقاء من هذا الطرف أو ذاك.
وكان واضحاً من البداية أن قطر التي مارست السيادة الفعلية على أرضها منذ عشرين سنة، ليست مستعدة للتضحية بمنجزاتها، ولن تقبل إلا بالحوار للوصول إلى تسوية عادلة تكفل لها استقلالها واستقرارها، دون أدنى تبعية لأحد.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
24/10/2017
2829