+ A
A -
يعد تطور الموقف الإيراني من الثورة السورية أحد اهم التطورات المهمة للبحث في سياق ظاهرة «الربيع العربي»، وسيذكر التاريخ هذا الموقف في كثير من التحليل والتدقيق لا سيما وان إيران التي ختمت القرن العشرين بثورة شعبية أطاحت بأكثر الأنظمة استبداداً آنذاك ساندت نظاماً مستبدا قتل وشرد الملايين من شعبه. اختارت إيران النظام السياسي في سوريا في بدايات الثورة السورية على استحياء داعية النظام إلى الإصلاح والى الاستجابة إلى ما يطلبه الشارع السوري.
ثم تبنت رواية النظام في أن ما يحدث في سوريا هي مؤامرة تستهدف ما يعرف بمعسكر المقاومة ومنه بالطبع إيران. مثل هذا التطور جعل إيران تتحرك سريعاً إلى مساندة بدأت سياسية واعلامية ثم اقتصادية ثم أمنية وعسكرية.
بدأ التدخل العسكري الإيراني في سوريا من بوابة الاتفاق الأمني العسكري المشترك بين الطرفين في اوائل القرن العشرين، في هذا السياق كان الدعم يتعلق بمساعدة تكنولوجية استخباراتية تتعلق بمراقبة الانترنت مواجهة التظاهرات والتجمعات، نقل المعلومات حول التحركات الشعبية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تطور الدعم العسكري ليشمل ارسال مستشارين في مسائل حفظ الأمن الداخلي، وقد كان ذلك على أمل ان يتم القضاء على المظاهرات ووقفها.
ومع عدم نجاح تلك الجهود، وانتقال المواجهة مع النظام إلى مواجهة مسلحة واستخدام القبضة الأمنية الفتاكة، كانت الانتقالة النوعية في الحضور العسكري الإيراني في سوريا عبر محورين: الاول توجيه حزب الله بالتدخل وذلك لعوامل تتعلق بالجغرافيا وكذلك صعوبة تمييز عناصر حزب الله من الجيش السوري في سياق تلك المواجهة مع المدن السورية، ومع اتساع دائرة العسكرة للثورة السورية، وتبني إيران رواية النظام السوري حول «المجموعات التكفيرية الوهابية» والثاني: بعثت إيران بخبراء عسكريين محترفين للعمل لمساعدة النظام وحزب الله معاً وجمعت معهم مقاتلين من جنسيات متعددة منها العراقية والافغانية يجمع بينهم فقط المذهب.
وكان أحد الشعارات لتبرير ذلك التدخل حماية اماكن زيارة الشيعة في دمشق.
ولم يقف الامر عند الخبراء، فخلال اوئل العام 2016 بدأت إيران ترسل قوات نخبة تجاوز عددهم 3000 والذين يطلق عليهم اصحاب «القبعات الخضر» لتنفيذ عمليات خاصة وقد ظهر دورهم وقتلاهم في معركة خان طومان في حلب اذ بلغ عدد العسكريين القتلي 30 شخصاً وبذلك يزيد عدد القتلى الإيرانيين الحرب في سوريا عن 1200 وفق مصادر عسكرية إيرانية.
في هذا السياق استخدمت صحيفة قانون الإيرانية عنواناً ملفتاً للحديث عن الخسائر وهو «حلب اصبحت كربلاء».
لم تكن هذه كل الحكاية، ذلك ان القوة العسكرية الإيرانية لم يتم اختبارها منذ انتهاء الحرب مع العراق في العام 1989، ومع عدم الاختبار كانت القوة تتطور في سياق مناورات شبه دورية سنويا وقد تتكرر في العام نفسه. وعلى صعيد متصل تحولت القوة العسكرية الضاربة المتمثلة بالحرس الثوري بكل قطاعاته إلى لاعب اقتصادي وسياسي داخلي في ظل التهاوي السياسي والعسكري الاقليمي لجوار إيران. واكتفت تلك القوة بالمعارك الاستخبارية وتقوية جبهات معينة في تلك البلدان تتأقلم والمصالح الإيرانية. كل هذا ربما تحول إلى اداة للضغط داخل المشهد السياسي منذ تولي الرئيس الإيراني محمد خاتمي مروراً بالرئيس محمود احمدي نجاد.
للتدخل العسكري الإيراني علاقة بالمشهد السياسي ومحاولة وضع المؤسسة العسكرية في اختبارات في ميدانها بدل ان تنشغل بالسياسة ومعاركها الداخلية غير المتوقفة في إيران. ويكفي الاشارة في هذا السياق إلى انه كانت هناك ثمة مواقف قبل العام 2010 من تنامي الطموح السياسي للمؤسسة العسكرية الإيرانية وان ضابط التحكم الوحيد الذي كانت تلك المؤسسة تحسب له حساب كان المرشد.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
18/05/2016
2689