+ A
A -
كلما لاحت في الأفق بادرة أمل وفرصة يمكن من خلالها حل الأزمة الخليجية، وعودة الود والوئام بين الدول أعضاء مجلس التعاون الخليجي نجد المسؤولين في دول الحصار يضيعون عمداً هذه الفرصة، فمن الفرص الثمينة التي كان يعول ويراهن عليها شعب الخليج لحل هذه الأزمة قمة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس المقرر عقدها في الكويت، حيث كان كل طرف من أطراف الأزمة سيطرح ما يريد أن يطرح من أجل التوصل للحل، وما هو مطلوب من الطرف الآخر فعله أو القيام به، لكن بكل سهولة يرى شعب الخليج دول الحصار الشقيقة تضيع هذه الفرصة، ولاتزال ماكينة الإعلام عندهم تهاجم قطر وتصب الزيت على النار وتنفخ فيها لتؤجج مشاعر العداوة، ناسين أو متناسين أن التاريخ لا يرحم وأن الأجيال الراهنة والمستقبلية في دول الخليج جميعها لن تنسى ولن تغفر لمن يسهم، ولو بكلمة واحدة، في تصعيد وتأجيج هذا الخلاف، ويكون سبباً في انهيار هذا الصرح الجميل الذي طالما تغنينا به في ثقافتنا ورسخناه في عاداتنا.
حتى هذه اللحظة لايزال لدى شعوب دول مجلس التعاون الخليجي الأمل في أن يستمع قادة دول الحصار الشقيقة إلى صوت العقل والحكمة والنداء الصادق، بل والصرخة المدوية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، أمير دولة الكويت الشقيقة، بينما كان يلقي خطابه خلال افتتاح دور انعقاد مجلس الأمة الكويتي، والتي حذر الجميع خلالها من خطورة تصدع وانهيار مجلس التعاون، مؤكداً أنه- أي المجلس- يعد آخر معقل من معاقل العمل العربي المشترك، بعد أن فقدت جامعة الدول العربية فعاليتها واتضح ذلك جلياً خلال الأزمة الخليجية فلم تقم بأي دور يذكر، كما لم يقم أمينها العام بزيارات إلى الدول الأطراف في الأزمة ليدعو على الأقل إلى تخفيف حدة التوتر ووقف التجاوزات والقصف الإعلامي من قبل وسائل الإعلام في دول الحصار الشقيقة.
مما يبعث على القلق أن صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد حذر بوضوح ودون مواربة من احتمالات تطور وتصعيد هذه الأزمة، وسموه عندما يطلق هذا التحذير لا يطلقه عفوياً أو من فراغ، بل توفرت لديه الأدلة القاطعة على أن هناك من ينفخ في النار لتزداد اشتعالاً، وأسوأ ما في السيناريو احتمال شبه مؤكد أن تكون الأزمة سبباً أو باباً تلج منه أطراف خارجية للتدخل في شؤون دول المجلس بما فيها دول الحصار نفسها فقال سموه بوضوح: «خلافاً لآمالنا وتمنياتنا فإن الأزمة الخليجية تحمل في جنباتها احتمالات التطور، وعلينا جميعاً أن نكون على وعى بمخاطر التصعيد، بما يمثله من دعوة صريحة لتدخلات وصراعات إقليمية ودولية لها نتائج بالغة الضرر والدمار على أمن دول الخليج وشعوبها».. وأضاف أن وساطة بلاده لحل الأزمة واعية لاحتمالات توسعها، واصفاً مجلس التعاون الخليجي بأنه بارقة أمل واعد في الظلام العربي، ونحن بدورنا نصف وساطة سموه ببارقة الأمل الواعد في ظلام هذه الأزمة، وننتظر تعاطي دول الحصار بالإيجاب مع هذا النداء.
الخلافات في الوقت الراهن لم تعد كمثلها في السابق، يخرج منها طرف رابح على حساب الطرف الآخر، ولكن حسبما يقول الواقع وتؤكده الشواهد من خلال الأزمات العربية المتعاقبة، فإن أطراف الخلاف دائماً هي الخاسر، أما الرابح فهي تلك الأطراف التي تأتي من الخارج، فلنستيقظ قبل فوات الأوان، وأن نبقى على الأمل ليظل دائماً موجوداً والله من وراء القصد.
بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
29/10/2017
3043