+ A
A -
وأنتَ تُحاوِرُ نَجْماً في فَنّ الكرة، أو في السياسة، أو في الغناء، أو في التمثيل، أو شيء من هذا القبيل، يَجدر بِكَ أن تَتعلمَ أخلاقيات الحوار ومُخاطَبة الآخَر.. أَمَّا حِين تُحاوِرُ (مِن خَلْف الشاشة) شَعْباً وأُمَّة، فيَلزمكَ الكثير من الحِيطة والحَذَر حتى لا تَسقطَ في المنحَدَر..
أَنْ تُحاوِرَ نُخَباً وفئات مَعناه أن تَحرصَ على الثبات، سواء بمواقفك وأفكارك أم بِطريقة تناوُلك، حتى لا يَتحول عَرضُك إلى تمثيل بما تَفْرِضُه نتيجةَ خُروجكَ عن النص مِن سُوء تَحليل..
في زمن نَحْنُ فيه، بِتنا نُعاين كل ما لا نرتضيه، فإذا بِمَنْ يُناقِش ويُحَلِّل لا يَخْرُج عَمَّنْ يُهَرِّج ويُمَثِّل. هكذا نَقِف عند انحدار أخلاق الحِوار..
الغَريب في مَوائد الحوار التي تَسْتَعْرِضُ اليومَ مستجدَّاتِ صُنَّاع القَرار أنها تَميلُ إلى تَزييف الحقائق والتَّسخيف والتَّحريف حتى يَجهلَ المتلقي الصِّدْقَ من التَّخريف..
التَّوَّاقون إلى النجومية عَبْرَ الرقص على حَبْل الحِوار أنانيون إلى أَبْعَد مَدى، لماذا؟! لأن الْمُشاهِدَ المسكين قد يَسقط في الكَمين وتَنْطَلِي عليه الحِيلةُ، ولا يَعرف أنَّ مَنْ يُديرُ الحِوار يَتَوَاطَأُ مع الباطل ضِدّ الْحَقّ ويَبيع نَفْسَه لَمَّا يَنْتَصِر لِغَير المبادئ التي يَنْبَغِي على شاهِد الحقيقة أن يَنتصِرَ لها إكراما للتاريخ والحقيقة..
واهِم مَن يَتَصَوَّر أن جُمهورَ الْمُشاهِدين لَيْسُوا عارفين مَرامي وغايات ما يُبَثُّ ويُذاعُ من فظائع ليس الْمُراد منها سِوى النَّيل مِن الشخصية والتَّلاعُب بالقضية..
تَثْمِين الزور أكبر فُجور.. والْمُحاوِر الذي لا يَحترِمُ نَفْسَه، وليس لِكَلِماتِ الْحَقّ بِقائد، مِنْ أين له أن يَنتظرَ أن يَحْتَرِمَه الْمُشاهِد؟!
هل مِن الحكمة أن يَتحوَّل الْمُحاوِر إلى مُهَرِّج يُضحِك عليه الجمهورَ ويَدْفَعه إلى الانزعاج والنُّفور؟!
أمَّا الانزعاج، فهُوَ مِن لغة الفضح والتعرية اللتين لا أساس لهما من الصِّحَّة ولا أَرْضِية.. وأمَّا النُّفور، فَمِنْ خِطابِ زَرع الحِقد والتَّشويه الذي لا يَتَوسَّل به إلاَّ حاقِد غَيُور أو سَفيه..
شَتَّان بين الحوار الجادّ النبيل وبين الضَّحِك الثقيل الذي يَسْتَنْجِد بِهَزِّ خَصْرِ اللسان والتَّطبيل، التطبيل الذي لا يُصَفِّقُ له غيره (الْمُحاوِر)..
الحِوار مَهارة، أن تَكُونَ صَادِقاً فيه، فهذا طُهْر، لَكِنْ أَنْ تَكْذِبَ فيه على نَفْسِكَ وعلى الْمُشاهِد الذي صَنَعَكَ، فَهذا عَهْر..
كَفى استحمارا للناس!
نافِذَةُ الرُّوح:
«كُنْ يَدِي التي أَراكَ بها تَمسح عَلى عينيّ في موسم الدموع».
«نِيَّة الكلام داء في زَمن العَدَاء».
«مجنون مَنْ يَتنازَل عن حَقِّه في الْحُبّ».
«دَعْ للحقيقة ما يَتوَارَثُه صُنَّاعُ التاريخ يا مقصَّ الجَهل».
«الخيانة جريمة يُعاقِب عليها قانون العاطفة».
«التلاعُبات بملَفَّات القلب تُفْضِي إلى الكُفْر بِدِينِه».
«أَعْلَنْتُ الحَرب على عصافير الْحُبّ التي كَذَّبَتْ نُبُوءَةَ السِّتِّين غَفلة».
بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
02/11/2017
2770