+ A
A -
عشنا ليلة الاحد على صوت رشاش سريع الطلقات، تزاحمت خلالها احداث جسام يندر تلاقيها معا في ساعات قلائل، وعلى قدر كبير من الخطورة.
فهل يلتفت المرء الى استقالة سعد الحريري المفزعة من رئاسة الحكومة اللبنانية، ام الى صواريخ الحوثيين البالستية الموجهة نحو الرياض، ورد التحالف بقصف مجمع وزارة الدفاع في صنعاء، ام يلتفت الى فضيحة فساد مالي عملاقة ضربت السعودية كالصاعقة وطالت امراء ووزراء بالعشرات، وقدرت قيمة الاموال التي استولوا عليها بتريليونيْ ريال حسب صحيفة «هفبوست»؟
ولعل صدفة التوقيت جمعت الهزتين، هزة الحريري وهزة الفساد، لكن لكل منهما تبعات وعواقب وارتدادات تعتمد فداحتها على ما يطفو على السطح من تحليلات واستنتاجات وتساؤلات، وفك للطلاسم المرافقة.
ويبقى السؤال: هل كان الحريري مكرها على قول ما قاله في خطاب صاغته الرياض، ام ان هذا هو خياره الطوعي المعبر عن رغبته المتطابقة حرفيا مع الرغبة السعودية؟
كما تكمن مجموعة ألغاز في مسلسل الحروب الداخلية التي تخوضها الرياض مع أمراء الفساد ووزرائه والتي نزلت على البلاد دفعة واحدة وبصورة محيرة، خصوصا تجاه الدوافع التي تقف وراء عدم الكشف سابقا عن اي قضية فساد بهذه الضخامة، ثم يفاجأ الجميع بذلك «الإنجاز التراكمي» غير المسبوق.
ولما كان مصير المساعي المتتابعة لإغلاق الملف اليمني فاشلة على الدوام، فثمة من يحاولون إقناع بوتين بلعب دور الوسيط بين الرياض وطهران. وعندما اصبح سلمان بن عبد العزيز اول ملك سعودي يزور موسكو في الرابع من اكتوبر الماضي، قيل إن مباحثاته تناولت إمكانية التقريب بين السعودية وإيران كخطوة ستؤدي حتما الى تسويات فورية تشمل سوريا والعراق واليمن، ودفع الغمامة بعيدا عن الافق العربي.
غير ان لهجة الحريري غير المسبوقة بقساوتها تجاه ايران، عندما اتهمها بخطف لبنان وزرع الفتن والدمار في العالم العربي، مطالبا بقطع يدها وأيدي أتباعها في المنطقة، أفرزت نظرية تنذر بشر مستطير، ولا تمهد إطلاقا لوساطة احد، حتى لو كان الوسيط هو بوتين التواق للعب هذا الدور لتأكيد هيمنته في الشرق الاوسط.
في هذه الحالة، قد يُفهم من استقالة الحريري بأنها تدفع باتجاه صدام لا مفر منه مع إيران التي ستفسر الاستقالة على انها قرار اميركي لاحتواء طهران وتحجيمها ووقف توسعها في المنطقة، من خلال مواجهة عسكرية تشترك فيها الولايات المتحدة والسعودية إذا لزم الأمر، وذلك بموجب تفاهمات ترامب وسلمان في مايو الماضي.
هذا السيناريو المتطرف تدعمه مطالبة صحيفة «عكاظ» السعودية بإعلان الحرب على حزب الله، وهي دعوة لا يجرؤ أحد على إطلاقها دون ضوء أخضر رسمي.
وهكذا تجد المنطقة نفسها واقعة بين احتمالين، فإما الانطلاق نحو مصالحة، او تفجير الاقليم على وقع كلمات الحريري القاسية وكلمات علي اكبر ولايتي مستشار خامنئي الذي قال ما نصه إن «الانتصار اللبناني السوري العراقي على الارهاب يشكل انتصارا لمحور المقاومة»، ضامّاً بذلك لبنان الى المحور الإيراني دون استشارة اللبنانيين.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
06/11/2017
3416