+ A
A -
ليس المُلح الآن تحليل ما حدث في السعودية من صدمات وهزات وارتدادات، بل المُلح هو التعرف على وجهة التطورات المترتبة على تلك الصدمات، والتي أطلت على الشرق الأوسط والخليج، بعد أن فتحت استقالة سعد الحريري وصواريخ إيران البالستية على الرياض، الباب واسعاً أمام صراع مفتوح بين القوتين الأكبر في الخليج.
الواضح أن التطورات الحالية تحمل بذور الانتقال التدريجي من مربع الحرب بالوكالة بين إيران والسعودية، إلى الحرب المباشرة لا سمح الله.
غير أن الاكتفاء باللجوء إلى كنف الأحلام والأوهام، أو الدعاء وانتظار ما تخبئه الأيام، كما يفعل الكثيرون، لا يحل شيئاً بل يزيد جرعة الألم لدى المواطن العادي في كل مكان من إقليمنا المبتلى بالنيران الطائفية.
لا نستطيع على سبيل المثال الهروب من تصاعد صراع النفوذ والهيمنة بين الرياض وطهران، ولا إلى درجة حرارة نشعر معها أن ثمة رغبة ثأرية النوازع تحول دون الحديث عن تسوية. وبعد أن وضعت السعودية لبنان في موقع العدو بحكم سيطرة حزب الله على حكومة الحريري بدأت الرياض وطهران باللعب داخل «المنطقة الحرام» التي تحدها الخطوط الحمراء.
وقبل أن يهدد الحوثيون بضرب موانئ سعودية وأخرى في الإمارات، خرجت صحيفة «كيهان» القريبة من خامنئي صاحب كافة السلطات في إيران، بعنوان بارز يقول إن صواريخ عبدالملك الحوثي الذي خصصت الرياض «440» مليون دولار لكشف مكانه وأمكنة «30» قيادياً من أتباعه، قادرة على ضرب دبي وأبوظبي، متوعدة بألا تنعم هذه المدن بالأمان بعد اليوم.
وقد اهتمت وسائل الإعلام السعودية بتكليف ثامر السبهان وزير الدولة للشؤون الخليجية، بتسويق الاستنتاج القائل إن أعمال العدوان التي يمارسها حزب الله، هي أعمال حرب من قبل الحزب، كما هي حرب من قبل لبنان الذي رأس حكومته سعد الحريري.
وما من شك بأن مشاركة حزب الله في الحكم بوزراء ونواب، تعززت بدعم رئيس قوي مثل ميشال عون المسيحي، للحزب الشيعي، مما دفع بالحكم إلى سلة نصر الله، حيث أضحى الحاكم الفعلي، ولكن غير المعلن للبنان كما يقول محللون. وبالتالي وبالنظر إلى أن الحزب هو الذراع اليمنى لإيران والقائد العام لميلشياتها الستين، فإن أي حرب إيرانية على السعودية ستتم بمشاركة الحزب، وهو ما يذكرنا بدولة الاحتلال التي تعتبر أي ضربة يوجهها حزب الله إليها، ستكون مسؤولة عنها الدولة اللبنانية بأجمعها.
تصعيد لهجة السعودية ضد إيران واتهامها بزرع الفتن والتوسع والتدخل في الشؤون العربية، والتهديد بقطع يدها- كما جاء في استقالة الحريري المكتوبة في الديوان الملكي بالرياض- يقابله تهديد صحيفة «كيهان» بضرب دبي وأبوظبي بصواريخ الحوثيين في اليمن، وليس الرياض فحسب.
أما ترامب الذي دعم الرياض بحماس فقد كتب في آخر تغريداته ما نصه: «لديّ ثقة كبيرة بالملك سلمان وبولي عهده، فهما يدركان بالضبط ما يفعلانه»، مضيفاً في تغريدة ثانية أن «بعض الموقوفين في السعودية ابتلعوا ثروات البلد على مدى سنوات».
نحن من جانب آخر نخشى ابتلاع الطُعم وليس فقط الثروات، فقد علمتنا الولايات المتحدة من خلال سياساتها الحالية والسابقة، أن تدير ظهرها لحليف الأمس دون رجفة رمش، أو أن تتحالف مع عدو الأمس بطرفة عين !!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
09/11/2017
2933