+ A
A -
لم يكن وصف محمد بن سلمان الازمة الخليجية بأنها صغيرة جدا، صحيحا او لائقا، سواء من حيث المعنى او المضمون. فالحصار الذي رتبته الامارات كممثل غير شرعي للسعودية والبحرين ومصر، واستخدمت فيه القرصنة الالكترونية، ليس صغيرا في حقيقته الشريرة الموثقة بالتفصيل، ولا نابعا عن ازمة صغيرة، بل هو فاضح وكبير بدليل تبعاته الاقليمية والدولية، وارتكابه بغدر ودون اي سند قانوني او اخلاقي.
ثم إن الازمة، صغيرة كانت ام كبيرة، افتعلها المحاصَرون لا المحاصِرين، دون ان يحسبوا حساب جريمتهم او حساب انكشافها الذي ظنوه مستحيلا، او عواقبه التي تنطوي على احتمال انهيار مجلس التعاون الخليجي!
فوق ذلك، فإن الازمة الصغيرة لا تنطوي على تفعيل المعاهدة الدفاعية التركية القطرية، ولا على فتح الايرانيين موانئهم لتزويد قطر بالاغذية والدواء، ولما شاركت دول مثل سلطنة عمان والهند في فتح ممراتها البحرية فور اندلاع الازمة، امام المساعدات الانسانية المختلفة.
ولو لم يكن الحصار سيئ النوايا ومباغتا لحرمان قطر من 85 بالمائة من استهلاكها الغذائي المعتمد على السعودية والامارات، لما ابتكرت الدوحة شبكة علاقات تجارية دولية ساعدتها في تأمين استمرار تدفق السلع، حتى بدت البلاد طبيعية منذ بدايات الحصار الاقتصادي التجويعي، ما مكنها من مجابهة المؤامرة دون ان يتأثر صندوقها السيادي الوفير او سعر الريال في العالم.
ليس مسليا على الاطلاق وصف الازمة الخليجية بالصغيرة وكأن مطلقي الوصف يسعون الى مقارنة هذه الازمة مع ضخامة ما يتكالب على السعودية من أزمات ومآزق، ابتداء بالحرب المحتملة مع ايران، والتي نرجو عدم اندلاعها، مرورا بمشاكل السيولة وارتفاع النفط والمديونية العسكرية الضخمة واهتزاز القواعد الموروثة فيما يتعلق بشؤون سياسية وقضائية ودينية ومجتمعية، وانتهاء بانتفاضة الفساد المالي العميق التي شملت حتى الآن تجميد حسابات اكثر من 1700 أمير وتاجر ومسؤول كبير.
قضية عزل قطر من قبل اشقاء في مجلس التعاون خطيرة ومهمة، لأن القاعدة العسكرية التركية تشكل نواة صلبة في وجه اي تجييش محتمل لدول في التعاون ضد قطر، مع ما يترتب على ذلك من انتشاء إيراني بدورها الجديد كمدافع عن دولة جارة ولو نكاية بالرياض، رغم انعكاس كل ذلك سلبا على المنظومة الخليجية المهددة بالانفراط لتلحق بالجامعة العربية. واللافت ان حركة حماس كررت النموذج القطري عندما رأينا اسماعيل هنية يلتقي خامنئي، بعد ان اتهمت دول خليجية الحركة بالارهاب، وأدارت لها ظهرها بصلف وقصر نظر، لتشكل هي الاخرى ازمة صغيرة تعتبر في الواقع كبيرة وذات مدلولات بالنسبة الى الدول الأكفأ والأقدر على تقييم الامور.
وحتى حليفكم عبدالفتاح السيسي قليل الخبرة يرفض ضرب ايران او حزب الله لأن هناك، مثلما قال، ما يكفي من اضطرابات في المنطقة.
لن نكون مع ايران إذا ضربتكم او حاصرتكم او آذتكم، لكننا بصراحة غير راضين عن صمتكم وهروبكم من تحمل مسؤولياتكم كأكبر دولة عربية معاصرة، في الوقت الذي ترون فيه كما نرى، الأتراك والإيرانيين، يملأون الفراغ الذي تركتموه فراغاً.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
10/11/2017
2718