+ A
A -
نام المغاربة ليلة الأحد الماضي على إيقاع فرح مستحق. فرح لم يعد قادرا على صناعته سوى سحر الكرة؛ ذلك أن فريق الوداد البيضاوي استطاع انتزاع كأس أبطال إفريقيا في مواجهة حاسمة مع الأهلي المصري.
لكنهم استيقظوا على وقع حالة حزن جماعي معمم؛ ذلك أن وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية كانت تتقاسم بشكل مثير فيديو صادم لأحد أقسام مدرسة بمدينة «ورززات» جنوب البلاد، حيث يظهر في الصور تلميذ يتهجم على الأستاذ، موجها له لكمات ضارية ومتتالية على مستوى الوجه، قبل أن يقوم بسحله على أرضية القسم، كل ذلك تحت الأعين المتواطئة لباقي التلاميذ /المراهقين، الذين لم يتردد البعض منهم لحمل هاتفه، موثقا بحياد غريب مشهد «الفرجة» الاستثنائية التي حلت بالقسم.
كمية العنف المتنامية، لا تطال الأساتذة فحسب، بل تصيب كل مرافق المدرسة وأبوابها وجدرانها وزجاجها، فكم من مؤسسة تعليمية تبدو أشبه بقلعة صغيرة خيضت فيها حروب حامية الوطيس، الأمر الذي يجعلنا أمام مساءلة حقيقية وجدية لأدوار مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية، التي من المفروض أن تربي الأجيال على قيم التسامح والسلم واحترام الآخر والإيمان بالاختلاف معه، وليس فضاءات لتفجير مختلف أشكال العنف سواء أكان لفظيا أو جسديا.
كانت المؤسسة التعليمية، ومازالت تعد ذلك الفضاء التربوي أولا – قبل أن يكون تعليميا- الفضاء الذي فيه تكتشف الموهبة وتصقل، وينمى الذوق، ويهذب السلوك، ويؤسس فيه لمشاريع نجاح أفراد سيكونون مواطنين فاعلين في مجتمعهم، واعين بما لهم وما عليهم. أمور لا يمكن أن تتأتى إذا ما استمرت الأسرة في استقالتها عن أداء أدوارها الأساسية المنوطة بها في التربية والتنشئة الاجتماعية، ورمي حمل ذلك على عاتق المدرسة، في وقت يسجل فيه تراجع كبير على مستوى تردد الأطفال والمراهقين على دور الشباب، وعلى الجمعيات التي من المفروض أن تساهم في امتصاص هذا العنف واحتوائه من أجل الحد منه.
هل يحق لنا اعتبار التلميذ العنيف ضحية؟ ألن يكون هو الآخر قد مورس عليه أيضا شكل من أشكال العنف، ولم يستطع تصريفه في نشاط رياضي أو فني، عنف قد يكون تلقاه في بيته أو في الشارع أو في المدرسة، وحتى في وسائل الإعلام، التي قد تمرر رسائل مشبعة بقيم العنف والتطرف، والخطير أنها أحيانا من حيت تريد أن تناهض العنف في برامجها وموادها تسقط في التحريض عليه عن قصد أو غير قصد.

بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
10/11/2017
2435