+ A
A -
كانت الساعات الاخيرة حاسمة في نقل الصراع السعودي - الايراني الى مسار غير متوقع او منتظر، بشهادة احداث لم نعهدها في الشهور الاخيرة، وبفضل استنتاج أبداه مطلعون، على ان الحرب الطاحنة التي كتب وقيل الكثير بشأنها قد خبت وصمتت مدافعها فجأة ودون مقدمات.
وما اعطى دفقات امل في تحقيق انفراج، القصة السينمائية التي رافقت خطف سعد الحريري وإجباره على قراءة كتاب استقالة صاغته السعودية، ومن ثم اختفاؤه عن الانظار. غير ان إعلان البيت الابيض في الساعات الاخيرة، ضرورة احترام سيادة لبنان واستقلاله، أوقف قرع الطبول في وقت اعلن فيه ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، أنه ليس معنيا بإعلان حرب على حزب الله.
لكن محمد بن سلمان الذي عهد له والده الملك بكل شيء في المملكة تقريبا، لم يحدد عقب لقاء مهم عقده مع رئيس الحكومة الفرنسية، شروطاً للامتناع عن إنهاء الوضع السياسي والعسكري لحزب الله، ودوره المفصلي في لبنان.
غير انه في الوقت الذي عبرت فيه واشنطن عن ثقتها بسعد الحريري، وصفت الجيش اللبناني الرسمي وقوات الشرطة التابعة للدولة، بأنها السلطة الوحيدة التي تضمن الامن في لبنان.
وفي الوقت الذي كثف فيه الرئيس ميشال عون مساعيه للعثورعلى الحريري ومطالبة من يحتجزونه بالسماح له بالعودة للإمساك بسلطاته كرئيس وزراء للبنان، لم تلعب واشنطن وموسكو بعيدا عما يجري هناك، إذْ اعاد الكرملين التأكيد بأن الرئيسين ترامب وبوتين اتفقا على ألا تندلع حرب جديدة لحل النزاع في سوريا.
ويضاف الى ذلك تفاهم بين القوى اللبنانية بشتى طوائفها وأطيافها وميولها، بضرورة إغلاق الباب امام حرب اهلية جديدة او استخدام الاراضي اللبنانية مسرحا لعمليات عسكرية تدار بالوكالة كما جرت عليه الحال في الربع الاخير من القرن العشرين.
وعندما اعلن لافروف عن ضرورة السعي لعقد مؤتمر سلام شامل في سوريا في ظل اعتراف ترامب وبوتين بسيادة البلاد والعمل على استئصال بقايا داعش، ما زالت واشنطن تخشى من نشوب حرب محتملة بين ايران والسعودية، وإن كانت تأمل في ان يصار الى بناء لبنان جديد يتم خلال تأسسه الاتفاق على عدم العودة الى التفجيرات الطائفية مهما حدث من تطورات.
ونظرا للتوأمة الجغرافية الحادثة بين سوريا ولبنان منذ مطلع تأسيسهما، فإن التوافق الاميركي الروسي على أن لا حل عسكريا في سوريا، يفيد في انتقال المبدأ الى لبنان، رغم ان البلدين يعانيان من تناقضات عرقية وطائفية عميقة، اتفق على التعامل معها بأسلوب المصالحات المتتالية وإغراق البلدين في حوارات سياسية ومجتمعية، ربما تساعد في إبعاد شبح الحروب.
ما زالت هذه التصورات موضع نقاش مستدام وبحث جدي، غير ان وقوع البلدين في مصادمات عسكرية مروعة خلال العقود الماضية يفيد في استخلاص الدروس والعبر، إذا ما تخلى الروس والاميركيون عن اطماعهما، وإبعاد دمشق وبيروت عن حروب الوكالة. نأمل ان يتحقق ذلك، ولعل الأيام المقبلة ستقطع الشك باليقين.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
13/11/2017
3109