+ A
A -
سوْال، حين يهوي على طبلة أذنيك وتراه شفتاك، تكاد تهوي، إن لم تكن معنا فأنت معهم، إذن انت عدونا، فاقطعوا رأسه!
عدوك طبعا لا يسألك، وان سألك فانت تفخر بالاجابة، أنك ضده، وان قتلت، فأنت شهيد، وتحزن ان جاء السؤال من بني جلدتك: أنت مع مين؟
وكم من صديق اصبح عدوك، لأنك لم تكن معه، أو كنت محايدا، وما أقسى السؤال؟
هل أنت مع المغرب أم الجزائر، مع مصر أم السودان، مع تونس أم ليبيا، مع سوريا أم لبنان، مع العراق أم الكويت، مع قطر أم السعودية؟، مع الحق مع العدل، جواب قد لا يقنع الظالم! وكثيرا تكون إجابتي كما اجابة كل من يقفون مع الانسان ضد الظلم فتكون هي الإجابة نفسها والتي أعيد ترديدها،
انت مع مين؟
فانا كما قال فيلسوف عتيق أجد نفسي إلى جانب أشد الناس بؤسا في العالم، وأكثرهم فقرا ومرضا وضعفا. أجد نفسي في جميع الظروف منحازا بالضرورة إلى الرجال الكادحين المرهقين في مهنهم الشاقة وإلى النساء المقهورات بالنظام الاقتصادي الجائر وبالنظام الذكوري الأشد جورا وتخلفا وجنونا. أجد نفسي في كل الأوقات والسياقات متعاطفا بالفطرة وبالوعي تعاطفا شديدا مع المشردين، والذين يسمون أطفال الشوارع، والذين يشترك الحمقى والفاسدون في وصفهم بالفئات التي لا يليق بالمحترمين أن يفكروا فيها. هذه هي أخلاقي. هذه مبادئي باختصار ووجهة نظري بإيجاز ورؤيتي للحياة بكل أبعادها. أنا مع الرجل العامل المتعب المتصبب عرقا، ومع المرأة المقهورة الرازحة تحت نير التمييز، ومع الطفل المشرد المحروم من اللعب الطيب والترفيه التعليمي، ومع المريض العاجز عن تقديم أجور الأطباء وأسعار الأدوية، ومع المظلوم الحائر في المحاكم والمصدوم بتكاليف المحاماة وببطء التقاضي وتعقيداته. أنا مع الصغير والمهمش والمضطهد والمنسي. أنا مع القوي الذي يحمي الضعفاء، ومع الثري الذي يستثمر أمواله طبق الأولويات التنموية الأنفع بالنسبة للفقراء. أنا مع المرأة قبل أن أكون مع الرجل. أنا مع الطفل قبل أن أكون مع الكهل. أنا مع المريض والهزيل والمعاق والمجنون والمشلول والأعمي والأصم والأخرس قبل أن أكون مع السليم. أنا مع القوة التي تدافع عن الضعفاء. أنا مع المستثمرين الأخلاقيين الذين يوجهون أعمالهم توجيها هادفا لخلق أكبر عدد ممكن من فرص الشغل والتنمية في المناطق الأشد فقرا. أنا مع عنف العدل ضد عنف الظلم، كما أنا مع عنف التحرر ضد عنف الغطرسة والتسلط. أنا مع جميع الضعفاء سواء كانوا قريبين أو بعيدين، وسواء كانوا متدينين أو ملحدين، وسواء كانوا يوافقونني في الرأي أو يخالفونني فيه جملة وتفصيلا، وسواء في هذا المجتمع أو ذاك. لقد نشأت على هذا الانحياز. وسأظل عليه حتى آخر يوم من عمري. وعليه أنا منحاز للكويت والى قطر، والى من يريد الخير للعرب.
نبضة أخيرة
الأمة في لحظة ولادة والمولود يطل بيده يحمل مشعل الحرية ونوره يضيء اليمن والشام.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
14/11/2017
1861