+ A
A -
يقول إدواردو غاليانو في كتابه «أبناء الأيام»:
في 16 كانون الثاني (يناير) عام 1920، أقرّ مجلس شيوخ الولايات المتحدة قانون منع الكحول المعروف بقانون الجفاف، وهكذا تأكد مرة أخرى أن المنع هو أفضل طريقة للترويج، بفضل قانون الجفاف ازدهرت صناعة الخمور المحظورة واستهلاكها وقام آل كابوني وجماعته بالقتل وتحقيق الأرباح أكثر من أي وقت آخر.
وفي العام 1933 اعترف الجنرال سميدلي باتلر الذي قاد مارنيز الولايات المتحدة في امتداد ستة عشر عامًا. إن نجاحات آل كابوني في شيكاغو كانت مصدر إلهام لجنوده في ثلاث قارات.
المنع هو أفضل طريقة للترويج، هذه حقيقة يعرفها الجميع اليوم، إذا أردتَ أن تنشرَ كتابًا قُم بحظره، هذا الحظر سيمنحه في الغالب قيمة أكثر من القيمة التي كان سينالها لو كان رائجًا، خذ عندك مثلًا كتاب آيات شيطانية لسلمان رشدي، الكتاب تافه وأتفه منه صاحبه، ولكن الحملة المستعرة ضد الكتاب أدّت لبيع ألوف النسخ منه، وكُتب عنه مئات المقالات، وصار سلمان رشدي في الغرب بطلًا ثقافيًا مضطهدًا، طبعًا أنا لستُ ضد منع الأمراض الفكرية وإنما أكتب من باب التوصيف، وسرد الواقع لا أكثر لا أكثر!
قرأتُ مرة شيئًا له صلة بما أحدثكم عنه، يقول صاحب الكلام إن الرقابة السينمائية في مصر تتلقى أموالًا من بعض مؤسسات إنتاج الأفلام لتقوم بحظر فيلم، ثم تتجه مؤسسات الإنتاج إلى المحاكم لتحصل على حكم يبطل حظر الرقابة، وبين المدة الفاصلة من حظر الرقابة للفيلم إلى صدور الحكم بعرضه، تكون الصحافة الفنية قد كتبت عشرات المقالات ضد تكميم الأفواه ومصادرة حرية الفكر والفن، وعندما يتم عرض الفيلم في دور السينما يقبل عليه الناس كأمواج البحر، فتجني مؤسسات الإنتاج أضعاف ما دفعته من رشى، والناس في هذا معذورون لأنهم يريدون أن يشاهدوا ما هذا الشيء الذي وقفت ضده الرقابة بهذه الصرامة ودافعت عنه الصحافة بهذه الاستماتة!
اغتيال غسّان كنفاني من قبل الموساد أعطى حياة لأدبه، وتوجه بهالة من المصداقية، سيد قطب لولا إعدامه ما كانت أفكاره وكتبه لتلقي هذا الرواج الذي لقيته! وجيفرا لم يكن اليساري الوحيد الذي حارب الاستعمار ولكن النهاية، طريقة الحظر تحديدا، حولاه من رجل إلى أيقونة!
من هنا نستنتج أن بعض المنع قد يكون ذكيًا وبعضه قد يكون أحمق ولكن بكلتا الحالتين فإنه يقوم بمهمة الترويج على أكمل وجه!
عندما حظرت فرنسا النقاب زاد عدد الفرنسيين الذين اعتنقوا الإسلام أضعاف ما كان يحصل من قبل، والسبب لأن الفرنسيين صاروا يقرأون عن هذه المنظومة الفكرية التي تقف وراء النقاب.

خلاصة الكلام:
الحظر: بغض النظر عن النية التي تقف وراءه هو أعلى درجات التسويق!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
16/11/2017
2952