+ A
A -
لا يهمني في مجلس الشورى أسماء الاعضاء، ولا درجة الاداء المرتبط أساسا بقانون إنشاء المجلس وصلاحياته.مايهمني حقيقة صورته الذهنية المتكرسة في وعي المواطن. كثير من اعضاء الشورى السابقين كانوا على قدر كبير من التعليم والثقافة والدراية والاخلاص، لكن الوعي المتكرس في ذهنية المجتمع إفترسهم ولم يقدر دورهم وجدية أدائهم، مجلس الشورى أو مجالس الشورى أو البرلمانات بشكل عام هم في الاساس نتيجة واقع متغير على الارض يتجه بالضرورة إلى مزيد من النضج والتراكم المجتمعي، أنا اعتقد أن قانون إنشاء المجلس وصلاحياته أمر سهل يمكن تجاوزه مستقبلا، بإعطاء مزيد من الصلاحيات للمجلس، لكن الأمر الاكثر صعوبة والذي يجب ان نتنبه له هو تحويله في ذهنية المجتمع من واقع متغير إلى مجرد وعي محض يصعب مع الوقت على المجتمع التخلص منه مهما كان دور المجلس ايجابيا في المستقبل، كنت اتمنى أن لانعمل على تكريس المجلس كوعي محض هذه المرة، لكن عزاءنا كان في إشارة سمو الامير بأن العام القادم سيشهد خطوات جادة نحو تشريعات يتحول معها المجلس إلى مجلس منتخب، إلا انني لازلت أعتقد اننا يجب أن نتنبه إلى خطورة أن يتحول إلى وعي محض لأن في ذلك إعاقة كبير لادائه حتى بعد أن يتحول إلى مجلس منتخب بل أن هذا الوعي المحض سيكون سبيلا ومؤشرا لأي عملية إنتخاب قادمة، ولكن ماهي الدلائل التي تشير إلى أنه أصبح وعيا محضا وليس واقعا متغيراً، هناك كثيرا من المؤشرات أذكر منها:
أولا:التوريث، الاخ عن أخيه، الإبن عن أبيه.
ثانيا: القبيلة كوعي، والقبيلة كوسيلة، بمعنى الاطار المعنوي للشروط لاتخرج عن هذا الوعيَ، لذلك تختزل الكفاءة والفروق الفردية في اطار الوعي القبلي وهوإختزال للفردية ضمن سياق عام صوري، كذلك قد تستخدم القبيلة كوسيلة لمؤشر ما تتطلبه ظروف اللحظة الراهنة سواء داخليا أو خارجيا.فنجد عضوين مثلا لقبيلة ما أو قبيلتين دون غيرهما، وهذا تكريس لوعي ولوسيلة قد يصبح عائقا يصعب تجاوزه إذا ماتكرر.
ثالثا: دليل آخر يثبت أن المجلس أصبحا واعيا محضا هو الاعلان أوإعلام المجتمع بطريقة أو بأخرى باسم الرئيس ونائبه قبل الاعلان عن اسماء اعضاء المجلس، بمعنى أن الوعي الثابت يسبق الواقع المتغير في إطار التجربة السياسية وهذا أمر يحول العملية السياسية إلى مايشبه الدين أو النص الديني.مع العلم أن المجلس الأول في تاريخ قطر كما أشار استاذ القانون الدستوري الدكتور حسن السيد في محضر اجتماعه الأول في بداية السبعينيات انتخب الرئيس ونائبه من خلال تصويت عام لاعضاء المجلس، وذلك يدل على الاقل أنه كان مجلسا يطرح المشاركة كإرادة وواقع.
رابعا: لعل تعيين المرأة لأول مرة في المجلس يُعد إنجازا للواقع على حساب الوعى هنا، إلا أن ذلك لايمنع ان ينتصر وعي المجتمع المُكرس على واقعه بشأنها في حالة حصول إنتخابات.
خامسا: يبدو واضحا أن المجلس الجديد مجلس وعي مسبق وليس مجلس واقع، لكن كما أشرت لعل إشارة سمو الامير تضيء حول خطوات قادمة مستقبلية تعمل على الاقل في المزاوجة بين الواقع والوعي بشكل يعمل على استقرار المجتمع ولايجعل من العضو يرفع اصبعيه على شكل حرف الانتصار «في» بعد اختياره لأن عضو مجلس الواقع لايعلن إنجازه إلا بعد أن ينتهي دوره، وحده عضو مجلس الوعي المحض من يعتبر تعيينه إنجازا لأن في ذلك تعاليا على الواقع والتجربة.
أتمنى أن لانعمل على تكريس المجلس وعيا محضا أكثر من ذلك خاصة وإننا نقترب من اليوبيل الذهبي لإنشائه. وإلا سوف نحتاج إلى وقت طويل جدا لكسر هذا الوعي المُكرس.
بقلم:عبد العزيز الخاطر
copy short url   نسخ
20/11/2017
3138