+ A
A -
في أزمتنا الحالية مع قيادات الجيران من منا لم تستفزه الحرب الدائرة على بلادنا قطر في وسائل التواصل الاجتماعي المتبناة من جحافل الذباب الالكتروني، والمدعومة من بعض المغفلين، والمغيبين، والمأجورين. لذلك قد لا نستطيع منع أنفسنا بين الحين والآخر من الانخراط في سجالات تبدو عقيمة تصل إلى طريق مسدود، أو حيث نترك خلفنا زوبعة من الشك في نفوسهم، وتساؤلات قد يصلون بعدها إلى الحقيقة بعينها.
لم أستطع منع نفسي من التعليق على قصيدة بلهاء للمدعو ابن الشيخ يهاجم فيها قطر، وحكامها بالأسطوانة الغبية المشروخة إياها، وعنونت هذه التفاهات بما يليق بها لأدخل مع أحدهم في سجال قصير ينتهي بشعوري بالشفقة على أمثاله، واتهامي بالحسد من قبله، الأمر الذي جعلني أتوقف إمعانا في الشفقة عليه، ولربما أنه سيضحك من نفسه حين يسأل نفسه بعيداً عن الهياط (وهل من الممكن أن يحسد مواطن قطري مواطناً من بلد مثل بلدي)؟.
الهياط الذي بات ظاهرة ملحوظة.. نوقشت في السابق كونها معركة خواء وبقاء وتفشت في كل شيء إلى أن وصلت إلى الأزمة الحالية وبدا من يقودونها بقمة الغرور والغباء من وسائل التواصل الاجتماعي، إلى استعراض التجمعات القبلية وحيث أصبح الهياط على درجات(ميني هياط، وسوبر هياط، ومودرن هياط، وتراديشنل هياط) وما إلى ذلك وقد تعدى مرحلة الوهم إلى مرحلة البذخ حيث أصبح من صور الإعلانات، والدعايات التي تستهدف التأثير على الوعي الجماعي، وبزعم أنه يؤدي إلى كسب بعض المعارك وإن كان على المدى القصير الذي يسمح للصوص الوعي بانجاز مهمامهم، وسرقاتهم. وكذلك يفعل دليم وتوابعه سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو على أرض الواقع من خلال التجمعات القبلية التي يدعون لها لاستعراض هذه التجمعات البشرية الكبيرة كنوع من التحدي، واستعراض القوة لقطر في وجود المعارض القطري (الأكسسوار) الذي يهدد، ويتوعد، ويكذب بما يتماشى مع الجو الذي يعيشونه. العجيب مشاركة المثقفين، والمتعلمين من أبناء هذه القبائل في هذه التجمعات رغم حقيقتها الاستعراضية، العقيمة، فهي لم تصد من قبل عدواناً، ولم تحقق انتصاراً. لا على صدام حين احتل الكويت، ولا على الحوثيين، ومن خلفهم إيران وهم على حدود نجران، وقد ذهب من أبناء المملكة قرابة العشرة آلاف جندي أو يزيد خلال ثلاث سنوات في معركة خاسرة انهكت الجميع عدا الحوثيين. في حين لم يتداركوا حقوقهم المنهوبة، وحرياتهم المصادرة، والتهميش المتعمد لهم لعقود طويلة. حقا إنه الهياط (لعن الله الهياط) الذي جعل دولاً كبرى أضحوكة على كل لسان وجريدة. وجعل من مثقفين، ومتعلمين ألعوبة في يد الجهلة، إنها بالفعل معركة الخواء الفكري، والبقاء فقط من أجل البقاء. في المقابل دورنا نحن أن ننخرط في معركة الوعي مهما حدث، وبكل ما نملك من أدوات فالأمر لم يعد مجاملة، بل مسؤولية أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام كل الشعوب الشقيقة والحرة.

بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
21/11/2017
3186