+ A
A -
تعيش أوروبا كلها في حالة من القلق والخوف والترقب بعد فشل المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل في تشكيل حكومة ائتلافية في ألمانيا بعد انسحاب الحزب الديمقراطي الحر من مباحثات تشكيل الحكومة التي كانت تشارك فيها أربعة أحزاب هي حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه ميركل وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، حيث يخيم سيناريو الدعوة لانتخابات جديدة على المشهد السياسي الألماني أكثر من أية سيناريوهات أخرى مثل تشكيل حكومة أقلية أو الاستجابة لمطلب الحزب الاشتراكي لتشكيل حكومة مع الحزب الديمقراطي المسيحي شريطة عدم وجود ميركل في المشهد.
ويبدو أن المستشارة ميركل التي تواجه أكبر تحد لها منذ توليها منصبها قبل اثني عاما تميل إلى خيار الدعوة لانتخابات جديدة رغم المخاوف من إمكانية حصول حزب البديل اليميني المتطرف على نسبة أعلى من الأصوات والمقاعد التي حصل عليها والتي تسببت في الأزمة الحالية التي تعيشها ألمانيا، أما أسباب الخلاف التي أدت إلى انسحاب الحزب الديمقراطي الحر، فإنها تدور حول الهجرة، حيث منحت ميركل ما يقرب من مليون من المهاجرين حق الهجرة لسد العجز في احتياجات ألمانيا من العمالة، لكن المشكلة الآن أن معظم هؤلاء يريد أن يجلب عائلته أما الذين رفضت طلباتهم فكثير منهم اختفوا داخل ألمانيا أو أوروبا ضمن سوق العمل الأسود كما يطلق عليه.
أما المشكلة الأخرى فهي أن ألمانيا حينما توحدت بعد هدم جدار برلين عام 1989 كانت دولتين مختلفتين تماما في كل شيء فألمانيا الشرقية كانت دولة متأخرة وفقيرة في كل شيء لاسيما في المباني والبني التحتية مما جعل المهمة الأصعب هي كيفية أن تتولى الولايات الغربية الغنية مسؤولية التنمية في ولايات ألمانيا الشرقية الفقيرة لكن من يزور ألمانيا رغم مرور أكثر من ربع قرن على هذا الأمر يجد أن هذه المشكلة لازالت قائمة حتى الآن، حيث إن ألمانيا الغربية الغنية لاتزال متميزة بشكل كبير عن ألمانيا الشرقية الفقيرة، ويكفي أن تزور العاصمة برلين لتجد الفارق الشاسع بين برلين الشرقية والغربية، أما في الولايات الأخرى فالأمر أكثر وضوحا.
أما على المستوي الأوروبي فإن خطورة الوضع تكمن في أن ألمانيا هي القاطرة الاقتصادية وحتى السياسية والعسكرية التي تجر الاتحاد الأوروبي مع فرنسا وأي خلل في هذه القاطرة سوف يؤثر بشكل مباشر على باقي العربات التي تمثل الدول الأوروبية الأخرى، وقد عبرت صحيفة «الجارديان» البريطانية في افتتاحيتها أمس الثلاثاء أن «الصورة السياسية غير الواضحة في ألمانيا تعني أن أوروبا ستواجه صعوبات كبيرة في التوصل إلى حلول للقضايا الرئيسية لاسيما تشكيل قوة ألمانية- فرنسية لإعادة هيكلة منطقة اليورو».
ومع الشرخ الواضح في العلاقات الأوروبية الأميركية وسعي بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، فإن عدم الاستقرار السياسي في ألمانيا، التي تحاول أن تبحث عن موطئ قدم مباشر في التأثير في سياسات الشرق الأوسط المضطربة، يمكن أن يؤدي إلى خلل كبير ستتضح آثاره خلال الفترة القادمة.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
22/11/2017
7877