+ A
A -
أَكُفّ السَّلام كَيْفَ لها أَنْ تَظَلَّ مَمْدُودَة، وفي لَحَظاتٍ مَعْدُودَة، يَموتُ الإنسانُ كما تَمُوت دُودَة؟!
الأفواه تُغادِر أماكنَها زَحْفاً إلى اللقمة الهارِبة، والعيون تَجحظ قُبَالَةَ أسواط الموت الضاربة.
بَعْضُهم يُذْبَحُ بِسِكِّين الحاجَة والعَوَز، والبعضُ الآخَر يُعْدَمُ على سجادة الصلاة ويُصْلَبُ دَمُه (بِدَمٍ بارد لا يُحَرِّكُ إحساسَ القَتَلَة) على أعمدة بُيوت الله، كأن قَاتِلَه برصاص الحِقد والبَغْضاء يَدُوسُ بحذاء إلحادِه الْمُضْمَر طهارةَ الأنقياء الْمُخْلِصين لِدِين رَبّ السماء..
كيف تَلْتَمِسُ الطريقَ إلى النجاة إن لم يَكُنْ قلبُكَ يَطيرُ إلى بيت الله طَلَباً للمقام الآمِن؟!
في موقف مجنون، تَراهُم يتعاونون على الإثم والعدوان. أما البرّ والتقوى، فَيُقْبَرَان في زمن الـ «شِبْه حيوان» الذي تُلْفَظُ فيه أنفاسُ الإنسان.. فَبِأَيِّ قلبٍ ميِّت يَتَوَاطَأُ الشيطان مع الشيطان ضِدّ الإنسان؟!
هذا هو الإنسان الذي تَتَجَنَّدُ الْمُنَظَّماتُ الدولية لإعادة الاعتبار له بِاسْمِ الإنسانية، لكنَّ جهودَها كثيرا ما تَذهب مع الريح في الوقت الذي يُعْلِنُ واقعُ الحال أن حَطَبَ جهنم على الأرض إنسان، الإنسان حطب تَأكله النارُ أكلاً ولا تَشبع..
أكثر من هذا، فإن دِينَ الكراهية الذي يَعْتَنِقُه البَعضُ يَكفي لِيَأْكُلَ الأخضرَ واليابسَ، فلا مجال لإشعال مصباح الأمل وهناك مَن يَجتهد لِيُطفِئَه بأكثر مِن يَد..
الكراهيةُ تَعمل على تضخيم الأنا، وفي المقابل تَدفع مرضى النفوس إلى تقزيم حَجْم الآخَر مَهْمَا عَظم وزنُه في ميزان النُّبل والعطاء والوفاء وما جاور ذلك من أخلاق على امتداد مدينة التسامح التي لا تَخرج عن القلب العامِر بالحُبّ..
الحَقود على الدِّين تَراه بالرُّوح يَستهين، فإذا بالأَرْخَص رُوحكَ عنده.. لا يُعْجِبُه غير منظر الدماء التي تُلَطِّخُ قميصَ النقاء، النقاء الإنساني الذي يُبَلِّلُ صدورنا بالدموع ما أن يُلَطِّخَ شيء من الدم صفاءَ القميص الذي يُعادل صفاءَ الشمس..
بَين ضِفَّتَي الصفاء والعطاء نَهْر يُسَمَّى الإنسان، الإنسان الذي لا يَبْكِيه إلاَّ شقيق له يَتَفَجَّرُ إنسانيةً، فبِمُجَرَّد أن تَعْصِفَ بأخيه رصاصةٌ هوجاء تَرى الدموعَ تَتفجَّر في عينيه شلالا بُكاءً على رفيقِ طريق (طريق الحياة) يَنتهي به المطافُ كما يَنتهي بِدُودة..
مِن السَّهل أن تَدُوسَ دُودةً بِحِذاء تَكَبُّرِكَ وغُرورِكَ وجَبَرُوتِكَ، لكنْ مِن الصَّعب يَقِيناً أن تَتَصَوَّرَ نَفْسَكَ في مكانها لِيَحلَّ بِكَ ما حَلَّ بِهَا..
جَرِّبْ أن تَصرخَ صرخةَ نملةٍ.. جَرِّبْ أن تَموتَ مَوْتَةَ دُودة!
نافِذَةُ الرُّوح:
«حياتُكَ مَوعِد مع صُنَّاع الموت، فإمَّا أن تُعَلِّمَهُم الحياةَ، وإمَّا أن يُعَلِّموكَ الموتَ».
«بَين الحياةِ والموتِ تَجربةٌ».
«اِغْتَسِلْ بِضَوْءِ الحياةِ قَبْلَ أن تُغْلِقَ نَافذَتَها في وجهكَ».
«الخُضوعُ لَيْل تَمْحُوهُ عِزَّةُ النَّفْسِ».
«ما أَمَرّ النجاح حين يَسْبِقُ سُقوطا مُدَوِّيا مِن أَعْلى السُّلَّم».
«تَزَوَّدْ بما يَكفي مِن حَطَبِ الحِكمة قَبْلَ أَنْ تُواجِهَ شِتاءً بَارِداً يُسَمَّى الأَيَّامَ الصَّعْبَة».
«اَلْحُزْنُ لَيْل.. والْمُنَاجاةُ أَرِيكَة.. والدُّمُوعُ قَصِيدَة..».
بقلم :د. سعاد درير
copy short url   نسخ
30/11/2017
2703