+ A
A -
في السياسة الألمانية، ثمة بداية تململ لأزمة مفاوضات تشكيل الأغلبية الحكومية. ذلك أن مؤشرات الخروج من حالة الانحسار توالت خلال الأسبوع الماضي، ومنطلقها جاء من حيث لا يتوقعه أحد؛ ذلك أن قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، عبرت منذ أيام، عن استعدادها للحوار في محاولة لإخراج البلاد من الأزمة السياسية الحالية، متخلية فجأة عن ما سبق أن اعتبرته موقفا مبدئيا وحاسما عندما أعلنت منذ شهرين، مباشرة بعد نتائج الاقتراع التشريعي؛ معارضتها لأي تحالف ممكن مع حزب المستشارة أنغيلا ميركل، قبل أن تعود لكي تبدو أكثر انفتاحا تجاه القرار بشأن أي مشاركة محتملة في حكومة ائتلافية جديدة، وتحيل إلى إمكانية ذلك، في حالة دعمت أغلبية أعضاء الحزب هذا الاتجاه.
المؤشر الثاني، جاء من خلال موقف الرئيس الألماني، الذي أعلن عدم تحمله لسيناريو إجراء انتخابات سابقة لأوانها، وهو الخيار الذي طالما تردد وسط العاصمة الألمانية، عندما انتهت المهلة التي قدم «تحالف جمايكا» لنفسه قصد إنهاء مفاوضات تشكيل الأغلبية، دون الوصول إلى اتفاق سياسي، بين المحافظين المسيحيين والخضر من جهة، وبين الليبراليين، وذلك أساسا حول ملف الهجرة وسياسة اللجوء.
المفارقات التي خلقتها هذه الحالة السياسية، تكاد لا تنتهي، من ذلك أن الرأي العام الذي كان يتعرف على اسم المستشار الألماني الذي سيدير حكومة أقوى اقتصاد أوروبي ليلة الانتخابات التشريعية، صار عليه أن ينتظر أسابيع عديدة عل الرؤية تصبح أكثر وضوحا، مع الانفجار الذي مس الخريطة الحزبية والذي جعل تشكيل الحكومة وقبلها الأغلبية أمرا مستعصيا.
ثاني المفارقات ترتبط بالوضعية الدستورية لرئيس البلاد، ذلك أن آباء دستور 1948، كانوا قد اختاروا لقناعات مرتبطة بالتاريخ، نظاما سياسيا برلمانيا مكتملا، تعود فيه الصلاحيات التنفيذية لإدارة السياسة العامة إلى الوزير الأول (المستشار الألماني)، الذي يقود حكومة سياسية منبثقة من البرلمان المنتخب (البوندستاغ)، ومسؤولة أمامه.
وهو ما يمنح لرئيس البلاد صلاحيات رمزية وشرفية، تجعله لا يبدو دائما في واجهة الأحداث، ويكاد يكون في غالبية الأوقات شخصية مجهولة مقارنة بشخصية المستشار الألماني، لكن الأمر قد يصبح غير ذلك في سياق الأزمات!
ذلك أن الدستور يمنح للرئيس، في حالة تعذر تشكيل الأغلبية البرلمانية، إمكانية تعيين «مستشار» يتكلف بعرض برنامجه الحكومي أمام البرلمان، فإذا لم يحصل على الأغلبية اللازمة من الأصوات كان على الرئيس الدعوة لانتخابات سابقة لأوانها.
هذه الصيغة تسمح للرئيس بالخروج الاستثنائي من الحدود الشرفية لوظيفته الرئاسية.
بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
01/12/2017
2323