+ A
A -
من مبدأ مواجهة الذات قبل مواجهة الآخر والاعتراف بالمثالب قبل المناقب، لابد لنا نحن العرب والمسلمين الذين نعد نحو مليار و700 مليون إنسان أن نقر بأننا كتلة بشرية مثيرة للشفقة، ليس لها تأثير ولا يحسب لها حساب، وبأننا أخف من أن نرجح كفة أي ميزان وأضعف من أن يكون لنا رأي وبأن مكاننا الطبيعي هو بالضبط مكاننا الحالي حيث يجرب علينا الآخرون صواريخهم وأسلحتهم وخططهم وحيث نمنع من الزراعة والزراعة ونجبر على نأكل ما يزرع الآخرون وندافع عن أنفسنا بما يسمحون لنا بشرائه.
هذا إذن هو المكان الذي نستحق، وهو مكان يليق تماما بأمة منقسمة على نفسها تكره مكوناتها بعضها بعضا إلى حد الرغبة في القتل وتنقلب على بعضها البعض لأسباب تافهة وغير منطقية، رغم أن دولة مثل إسرائيل لم تتوقف يوما عن إهانة العرب وقتلهم ومع ذلك فأنها تقابل دائما بالمحبة والمودة والغفران.
أقول هذا وفي البال قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي خرج على شاشات التليفزيون في مشهد استعراضي ليقول للعرب والمسلمين إنهم لا يعنونه من قريب أو بعيد وبأنهم ليسوا أكثر من غثاء سيل وبأنه يدرك تماما أن انفعالهم اللحظي بمنح القدس لإسرائيل سيخبو بعد أيام وهو أمر سمعه حتما من بعض الحكام العرب الذين أعطوه موافقتهم الضمنية على بيع القدس مقابل أن يبارك بقاءهم فوق كراسي السلطة لسنوات طويلة قادمة.
لقد قال هؤلاء الحكام لترامب إن العرب ظاهرة صوتية وبأن أمة وافقت ضمنيا أن يحكمها طوال عقود انقلابيون ومستبدون وانتهازيون سيرضخون للأمر الواقع في نهاية المطاف تماما كما رضخوا لحقيقة أن فلسطين التي بقيت للفلسطينيين لا تشكل سوى نسبة 17 % في أفضل الأحوال من مساحة فلسطين التاريخية.
إن الأمة الإسلامية اليوم لا تستحق القدس وهي غير مؤهلة أساسا للحفاظ عليها، فهذه المدينة كانت دائما المقياس الحقيقي لمدى حيوية هذه الأمة.

بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
12/12/2017
3752