+ A
A -
إذا كنا قد أكدنا مراراً خلال الأسابيع الأخيرة وعقب معارك الموصل والرقة التي أنهكت تنظيم داعش الإرهابي ووضعته على سكة النهاية كدولة خلافة مزعومة- ولكن ليس كتنظيم مقاتل تجزأ وتناثر على شكل خلايا نائمة ويقظة في أنحاء العالم- أن المطلوب الآن إجراء نقلة إيرانية نوعية ذات ضرورة ملحة للفصل بين التكتيكي والاستراتيجي، وما يترتب على ذلك من صورة محسنة تحتاجها طهران في عالم عربي متشكك ومرتاب، إلى حد كبير.
ونظن أن فرصة مهمة تلوح في أفق منطقة أصابها انهيار عربي بموازاة تآمر أميركي- إسرائيلي، ليس الخليج كله بعيداً عنه، بهدف احتواء الخطر الإيراني كما يقولون، وبهدف التقريب بين طهران وأشقائها العرب كما نأمل نحن.
دعونا نكن صادقين في رؤانا وتفكيرنا في هذه المرحلة الحساسة، حيث يقع الموقف الإيراني في قلب استقطاب طائفي وعقائدي سيقود نحو واحد من اتجاهين. إذْ في وقت ينظر فيه بعض العرب إلى إيران باعتبارها قوة مذهبية ذات تدخلات وتوسعات سياسية وعسكرية واضحة في دول كسوريا والعراق ولبنان واليمن، يذهب آخرون إلى حد ربطها بتآمر دولي سري على القضية الفلسطينية ذاتها.
ولكن في الوقت نفسه، هناك وجهة نظر مغايرة تماماً وتتجاوز معطيات وحججاً كهذه، وتصر على أن إيران حليف مهم للقضية الفلسطينية والقدس خصوصاً، وأنها وقفت ومازالت مع فصائل مقاتلة مثل حماس والجهاد الإسلامي.
وأنا بصراحة ألوم إيران كثيراً لتركها مثل هذه الأفكار المتنافرة إلى حد التناقض تعوم في منطقة ملأى بالتوترات والمؤامرات والاحتمالات، بل وبخرائط ربما ترسم بالخفاء لبعض مناطق الشرق الأوسط والخليج وشمال إفريقيا.
وكما يعتقد مثقفون، فإننا كعرب، نجد أنفسنا وسط هذه المعمعة، أو ربما وسط تعمد محتمل لإبقاء الأمور عائمة والناس في حيرة والتباس، خاصة وأن بعض النخب العربية منجذبة عاطفيا نحو طهران ظالمة كانت أم مظلومة، فيما يأخذ عليها عرب كثيرون ما يعتقدون أنه موقف مذهبي خالص يشهد عليه تشكيلها العديد من المليشيات المقاتلة والمقتصرة على العناصر الشيعية المستقدمة من دول عربية، وغير عربية كأفغانستان وباكستان، وتوظيفها في مشاريع التوسع والانتشار، وليس فقط للدفاع عن الجمهورية الإيرانية.
يبقى إذن السؤال: هل تعمل إيران على إضعاف الدول العربية وتفكيكها، أم تراها حريصة على وحدة المنطقة،وعلى اجراء حوار بناء وجدي ومخلص فعلاً بين السُنة والشيعة وبين العرب والفرس، لوقف المخططات التي يدرك عقلاء الطرفين إلى أي درجة من الخطورة بلغت؟!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
14/12/2017
2655