+ A
A -
خلال أقل من أسبوع تصريحات متباينة تأتي من واشنطن حول التعامل مع إيران. فهذه نيكي هايلي سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة تتحدث عن سياسة أميركية جديدة في مواجهة إيران تنوي واشنطن السير فيها وتستند إلى بناء تحالف دولي ضد إيران للحد من الأدوار السلبية التي تلعبها طهران.
في هذا السياق أكدت هايلي أن الصاروخ الذي أطلق باتجاه مطار الملك خالد في السعودية هو صناعة إيرانية. تصريحات هايلي هذه تبعتها تصريحات جم ماتيس وزير الدفاع الأميركي والذي أكد على أن السياسة الأميركية نحو إيران قائمة على الخيارات الدبلوماسية، وليس هناك ما يدفع إلى تجاوز تلك الخيارات.
في نفس السياق قام الكونغرس بإعادة الملف الإيراني للبيت الأبيض بعد المهلة التي أعطيت له وهي 60 يوماً لرفع مكامن الخلل والنقص في الاتفاق، وهو الأمر الذي كان سيعطي للرئيس دونالد ترامب فرصة للتراجع عن الاتفاق النووي الإيراني على الأقل من جانب الولايات المتحدة الأميركية. لم تجر السفن بما يشتهي ترامب. حيث ترك الكونغرس الباب مفتوحاً نحو رفع مزيد من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران بموجب الاتفاق النووي وذلك في منصف يناير 2018.
تبدو تصريحات ماتيس وهايلي متناقضة من حيث الشكل، كما أنها تعطي انطباعاً بأن الإدارة الأميركية تبدو منقسمة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع إيران، لكن المتمعن في السلوك الأميركي نحو إيران يمكنه الاستنتاج أن واشنطن كانت هكذا في تعاملها مع الملف النووي منذ العام 2003، وكانت دائماً ما تلوح بالعصا أحياناً والجزرة أحياناً أخرى. ما يحدد ذلك هو السياقات السياسية التي تمر فيها منطقة الشرق الأوسط وطبيعة الرسائل التي تريد واشنطن أن ترسلها لحلفائها في المنطقة.
في السياق الزمني الحالي أرادت السفيرة هايلي وهي المقربة من الرئيس دونالد ترامب أن ترسل رسالة طمأنة إلى الرياض حول التشدد الأميركي من إيران وأنه ماض إلى غير رجعة. ولعل المغازلة عبر الحديث عن الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون وانه من صناعة إيرانية لم تكن إلا تأكيدا على أن المستهدف من رسالة هايلي هي السعودية. هذه الرسالة التقطتها إيران عبر وزير الخارجية ظريف الذي ربط- بسخرية واضحة- ما فعلته السفيرة من شرح حول الأدلة المتعلقة بإيرانية الصاروخ بما فعله وزير الخارجية الأميركي الاسبق كولن باول حين أراد أن يثبت أن لدى العرق أسلحة نووية. إبقاء إيران في مربع الاتهام وأنها دولة لا تحترم القانون الدولي هو أيضا غاية لما ذكرته هايلي التي دعت إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة سياسات إيران، وهذا التحالف موجود فعلياً في الحرب على اليمن حيث مواجهة الحوثيين المحسوبين على إيران.
لا يبدو أن ماتيس يوافق على الخلاصة التي قدمتها هايلي، بل يعتقد أن العمل الدبلوماسي لا يزال متاحاً، وأنه الخيار المفضل للسياسة الخارجية الأميركية. مثل هذا الحديث ربما يشير إلى أن القلق الإيراني هو من البرنامج النووي وليس من السياسات التي تمارسها إيران في المنطقة، وعليه فالاتفاق النووي مرجعية مناسبة لماتيس ويمكن البناء عليه من خلال الجهد الدبلوماسي والعمل مع الشركاء، وهو بذلك يتفق مع هايلي أن واشنطن تريد تحالفاً عريضاً ضد إيران ولا تريد أن تتصدر المشهد لوحدها.
يبدو جلياً أن ثمة تفاوتا داخل إدارة الرئيس ترامب حول كيفية التعامل مع إيران، هذا التفاوت يعكس البعد الفردي قصير الأمد الذي يمثله الرئيس ومعه نيكي هايلي والبعد المؤسسي طويل الأمد والذي تعكسه وزارتا الدفاع والخارجية. مثل هذا التفاوت مرشح للاستمرار في ظل تأثير واضح لذلك الانقسام على ما يسمى بقيادة أميركا في العالم.
بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
20/12/2017
2613