+ A
A -
بعد أن أطاح الرئيس ترامب بسياسة التريث فيما يتعلق بالقدس، أثار غضب العرب والمسلمين بإعلانه يوم 6 ديسمبر عن الاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة إسرائيل. ولكن بعد ذلك خرج وزير خارجيته ريكس تيلرسون ليعلن أن عملية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب لن تتم قبل عام 2022، إن لم يكن بعده، وأن جوازات سفر الأميركيين المولودين في القدس ستظل تُثبت أنهم وُلدوا في القدس، وليس إسرائيل، وأن خرائط الحكومة الأميركية لن تحدد القدس كجزء من إسرائيل.
ما قاله السيد تيلرسون محاولة لإصلاح ما أفسده رئيسه، حتى أصبحت وزارة الخارجية الأميركية وكأن ليس لها من مهام سوى إصلاح ما يطلقه الرئيس من تصريحات وتغريدات، وليس إدارة دفة السياسة الخارجية التي تحولت إلى العجز والارتباك، ليس حيال القضايا العربية، وإنما حيال كل قضية أخرى.
كل ما يفعله الرئيس ترامب هو التسبب بالحيرة والإرهاق للجميع، ويشكل موضوع القدس أحد أكثر الأمثلة وضوحا على هذه السياسة التي تحاول وزارة الخارجية إصلاحها بشتى الطرق، لكن كل ذلك لن ينهي مشاعر الغضب والقلق بالنسبة للمسلمين، فقد أحجمت الولايات المتحدة طويلاً عن الاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، لحين التوصل إلى اتفاق سلام يحل جميع النزاعات الرئيسية على نحو عادل، لكن هذه لم تكن الطريقة التي تصرف بها البيت الأبيض، وعلاوة على ذلك، تخلت الإدارة عن وسيلة ضغط أخرى وأثارت استياء الفلسطينيين من جديد دون أي غرض واضح، إلا إذا قبلنا بفكرة أن ما حدث كان لإرضاء مستشار الرئيس الأميركي وصهره العزيز.
لقد استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو لمنع صدور قرار عن مجلس الأمن يندد بالاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبدت واشنطن معزولة تماما دوليا بعد ان صوت باقي الأعضاء الأربعة عشر لصالح مشروع القرار. وسارعت مندوبة الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن نيكي هايلي إلى التنديد بقوة بموقف المجلس، وقالت وهي متجهمة الوجه «إنها إهانة وصفعة، لن ننسى هذا الأمر أبدا». بغض النظر عن كل ما قالته، فإن الشيء الذي لن يُنسى فعلا هو قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، هذا هو قلب المشكلة.

بقلم : حسان يونس
copy short url   نسخ
21/12/2017
2305