+ A
A -
في عام 1950، قام المعلّمُ الإيطالي «روبيرتو نيفلز» بابتكار الواجبات المنزلية كعِقابٍ لطلابه!
وفي حين بقيتْ آلاف الأفكار والنظريات التربوية الجميلة مثار جدل وأخذ ورد، تبنّى الكوكب كله نظرية «روبيرتو نيفلز» كأنه نبيُّ المدارس!
أراد هذا الشرير أن يُعاقب طلابه فعاقب طلاب هذا الكوكب جميعاً!
مُذ كنتُ تلميذاً وأنا أكره الواجبات المنزلية، ولكنّ شأني شأن جميع الطلاب المساكين في هذا العالم كنتُ أقوم بحلها من باب مكره أخاك لا بطل! فأبي وأمي لا يقبلان التفاوض في أمرين هما: المدرسة والصلاة! وما عدا ذلك قابل للأخذ والرد!
وما زلتُ اليوم بعد أن أصبحتُ مدرساً أكره إعطاء طلابي واجبات منزلية ما لم تستدع الحاجة هذا، وأستغربُ من المدرسين الذين يعتقدون أن الواجبات المنزلية هي حاجة قائمة بذاتها!
وأزيدكم من الشعر بيتاً، أنني في العام الماضي عندما رأيتُ تهافت المدرسين لإعطاء الطلاب واجبات للعطلة الشتوية، دخلتُ إلى غرفة الصف، وحددتُ لهم واجباً، طلبتُ منهم أن يكتبوه على مفكراتهم، وكان الواجب كما يلي:
لا تدرسُوا! اجلسُوا حول الموقد، استمعوا للحكايات واشربوا الشاي، دفِّئوا أنفسكم، هناك متسع للدراسة في كل وقت، ولكن السعادة ليستْ متاحة على الدوام!
طالب المدرسة الابتدائية في مدارسنا يحمل شنطة تبلغ من حيث الوزن ربع وزنه، ومن حيث الحجم تشبه حقائب الجنود المتخمة بالذخيرة قبل المعركة! هذا ولم نقلْ باسم الله بعد، ولم يبدأ اليوم! ثم يقضي الطالب ابن السنوات التي تُعد على أصابع اليدين ثلث يومه في المدرسة، يُودِّعه مدرس الرياضيات، ليستلمه مدرِّس العلوم، ثم تكون الحصة الثالثة في كان وأخواتها، ثم نتساءل لماذا يكره أولادنا المدرسة!
وبدل أن نعتقهم لوجه الله وندعهم يعيشون طفولتهم نجعلهم يأخذون معهم المدرسة إلى البيت! والمصيبة أن كل مدرِّس يعتقد أنه لا يوجد غيره ويتصرف على هذا الأساس، وهكذا يتخلص الطالب من المدرسين ليقع في فخِّ أهله في البيت!
برأيي إن لم يكن ثلث اليوم الذي يقضيه الطالب في المدرسة كافياً ليتعلم ما نريد منه أن يتعلمه فهذا لا يدل إلا على شيء واحد هو أنّ مناهج التعليم فاشلة، وغير إنسانية! وأعتقدُ اعتقاداً جازماً لا يخامره شك أنه كما لا يجوز في الشريعة العقاب بالطاعة، كأن تقول لابنك إذا لم تفعل هذا الشيء سأجعلك تصلي مائة ركعة، فإنّ الواجبات المنزلية لا تجوز بهذا الكم والكيف لأن فيها إكراهاً، وتهتم بالمعلومات على حساب الإنسان!
المدارس عندي كالمساجد، بقع لا يمكنني أن أتصور كوكب الأرض بدونها، لهذا أنا مع المدارس حتى آخر رمق فيَّ ولكنني ضد أن تصبح سجوناً، وما دامت الواجبات المنزلية تعطى بهذا الشكل فهي قيود، بينما الغاية من التعليم هي صنع الأجنحة للناس!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
21/12/2017
7082