+ A
A -
احتفاء مغربي خاص شهده اليوم العالمي للغة العربية، الذي صادف الإثنين الماضي، الصحف اهتمت جيدا بالحدث، وكتابات رصينة نشرت حول قضايا ذات صلة بالموضوع، وندوات متعددة انعقدت لتناقش جوانب من وضعية العربية، بعضها داخل البرلمان، وبعضها الآخر بتنظيم من ائتلاف الدفاع عن اللغة العربية وبيت الشعر، وبمشاركة شبيبات الأحزاب.
مغربيا في سجل معارك اللغة، ظلت رهانات السياسات اللغوية تتأرجح بين خيارات التعريب «المتردد» داخل التعليم والإدارة والمجتمع، وبين التمكين للتوجه الفرنكفوني المستند إلى الإرث اللغوي والثقافي للمستعمر، والى شبكة المصالح الاقتصادية التي تشكل اللغة داخلها امتدادا للرأسمال المادي والقيمي.
وبالرغم من أن الدستور قد قدم مرجعية معيارية للسياسات الثقافية واللغوية بإقراره للغتين العربية والأمازيغية كلغتين رسميتين للبلاد، مع تأكيده على حماية اللغة العربية وتنمية استعمالها، فإن جبهات جديدة قد فتحت على حدود الرقعة الرمزية للعربية في القانون والممارسة، وداخل الحياة العامة للمغاربة.
من ذلك تواتر خطاب مدافع عن الدارجة المغربية، باعتبارها لغة الأم التي يجب أن تحظى بالأولوية خاصة داخل المدرسة كلغة للتدريس.
وبالرغم من أن «متزعم» هذا التوجه كان قد تعرض قبل سنوات قليلة إلى عملية إفحام مشهدي لعناصر أطروحته من طرف المفكر عبد الله العروي، الذي قبل إجراء مناظرة تلفزية مباشرة معه، إلا أنه استمر في الحشد لدفاعه عن الدارجة المغربية كلغة تدريس، حيث أصدر أخيرا معجما كاملا لمفرداتها.
دون ذلك، وبغض النظر عن بهلوانيات دعاة اعتماد «الدارجة» بديلا عن لغة الضاد، لا تحتاج اللغة العربية إلى دفاع بنبرة النحيب والبكائيات، بقدر ما تحتاج إلى ثقة أكبر في نفسها كخامس لغات العالم، يمنحها العصر عبر وسائل التواصل وأشكال الانفتاح والتقارب، فرصا ثمينة للانتشار وتجريب حياة متجددة، وهو ما يتطلب جرعات جريئة من التحديث يمنع عنها، تحت تأثير فائض في قلق الهوية، التخندق في مربع التحنيط والعتاقة والجمود.

بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
22/12/2017
3739