+ A
A -
المعلومات المتداولة خطيرة وصعبة، وإياكم والاعتقاد بأن ترامب وتابعه نتانياهو قد تعبا أو تراجعا بعد الصد الذي قوبل به مشروع تحويل القدس إلى عاصمة لإسرائيل. فالملف مازال محملاً بإجراءات تآمرية لا تحول سخافتها الظاهرة دون الاستعجال في التحرك والرد، بما في ذلك السعي الحثيث لتغيير التحالفات والتكتلات والمعادلات، متخذين من الأردن مثالاً للمتضررين، والمحور الروسي الممتد مثالاً للمخلِّص الذي تتطلب طموحاته المعروفة، مواجهة مخطط الفتك والانتقام الذي يعجنه المحور المضاد.
العالم مقبل على تغيرات سريعة مع اقتراب ولوجنا عام «2018». وإذا كان إسماعيل هنية من أول المنبهين منذ أيام، لقرارات جديدة بشأن القدس وفلسطين، سيقدم عليها أعداء الإنسانية بقيادة ترامب ونتانياهو، فالمطلوب الآن إجراء مراجعة شاملة لمسيرة التسوية وإطلاق يد المقاومة دون قيود، وبغض النظر عن الظروف والتبعات، بما يضمن الاستعجال بوقف التنسيق الأمني، وإلغاء أوسلو هذه الساعة وليست التي تليها.
نتكلم من قلب النار، لا من نسج الخيال، فالرئيس الأميركي باختصار ودون مواربة، غسل يده من محمود عباس وقرر الانتقام منه بقسوة عرَّاب، بعد أن جاهر برفضه استقبال أي مسؤول أميركي أو متابعة عملية السلام الأميركية مع أحد. فعباس اكتشف (نعيماً) أنه لا توجد عملية سلام، وأننا مخدوعون من قبل بريطانيا وأميركا منذ مائة عام (نعيماً آخر)، سبقت وتبعت إقامة إسرائيل.
يتضمن الانتقام كما ورد في عدة مواقع إسرائيلية وأوروبية، قطع العلاقات والاتصالات والأموال عن السلطة، إلى درجة أن موقع «دبيكا» الإسرائيلي أكد عدم وجود نية للتقدم بأي مبادرة أميركية لسلام مقبل مع الفلسطينيين، وهذا صدقوني أفضل.
مثل هذه النوايا، على كل حال، ليست سهلة التطبيق أو مقدر لها النجاح الدائم، غير أننا نكتفي الآن بالحكاية التي تتضمن كما يعرف عباس، «قتل» جميع المشروعات الاقتصادية التي قطعت أشواطاً في الضفة، وعدم دعوة أي مسؤول فلسطيني إلى واشنطن.
وتشمل الخطة كما يقول «دبيكا» مطالبة واشنطن كلاً من السعودية والإمارات وقطر بقطع المعونة المالية عن السلطة، وكانت الدوحة هي الوحيدة التي تمسكت باستمرار تحويل الأموال للفلسطينيين.
ولم تُجْدِ زيارتان لعباس إلى الرياض في الأسابيع الأخيرة، في اقناع الملك سلمان بعودة الحديث حول السلام، بل علم رئيس السلطة أن الرأي قد استقر على بناء «300» ألف شقة سكنية في القدس الشرقية.. تصوروا الرقم لإقامة ما سموه «القدس الكبرى»، علما بأن الأموال جاهزة، بحيث يتم ضمها أولاً للغربية، ثم يجيء دور ضم المدينة كلها للضفة الغربية.
ويتحرق ترامب لإفشال أي مقاومة لرأيه، ويشجع على توفير الهدايا الخليجية الباهظة للوفود الغربية كسيارات المرسيدس، وسلل أعياد الميلاد المكلفة.
خلق الأميركيون إذن الظروف المانعة لأي سلام، ثم قالوا لعباس: مع السلامة.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
27/12/2017
2843