+ A
A -
لم تُذكر تركيا نهائياً بشكل مباشر في استراتيجية الأمن القومي الأولى في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. في حين تم ذكر إيران إحدى عشرة مرة. عدد مرات ذكر إيران في هذه الاستراتيجية هو مضاعف ويزيد اذا ما قورن باستراتيجية الأمن القومي السابقة والتي صدرت في العام 2015، حيث ذُكرت إيران آنذاك أربع مرات حينها كان الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض.
تناول استراتيجية الأمن القومي الأميركي للعام 2017 لإيران يأتي في سياقات سلبية تعكس تماماً الخطاب الانتخابي لدونالد ترامب حين كان رئيساً، كما أنها تعكس رؤيته ومن حوله في البيت الأبيض. تذكر الاستراتيجية بالنظر للمصطلحات المستعملة باستراتيجيات الأمن القومي للإدارات الجمهورية السابقة مثل جورج بوش الابن والذي وضع إيران ضمن الدول المارقة، حيث تكرر الاستراتيجية الجديدة كلمة المارقة بالإنجليزية ROGUE REGIMES ثلاث مرات.
تحدثت الاستراتيجية عن إيران بوصفها دولة مستبدة مارقة وتحدي للولايات المتحدة حالها كحال كوريا الشمالية، ثم أعيدت نفس الفكرة في سياق الحديث عن التنافس مع روسيا بوصفها منافس قوي وعنيد للمصالح الأميركية، وكيف أن تحالفات روسيا مع دول مثل إيران تعتبر عنصر تهديد للأمن والمصالح الأميركية في منطقة الشرق الاوسط. وفي إطار التبني الواضح للاستراتيجية لفرض أن إيران عنصر تهديد يأتي الحديث عن إيران بوصفها داعما للجماعات الإرهابية التي تسعى لتدمير أميركا ثم تأتي الاستراتيجية لتفصل أن هذه الجماعات هي حزب الله الذي ترى فيه الاستراتيجية ذراعاً مهما لإيران.
تعتبر الاستراتيجية أن الأنشطة الصاروخية الإيرانية وما تسعى إليه إيران من تعزيز قدرتها الصاروخية هي تهديد تام كما هي صواريخ كوريا الشمالية، وهنا يجب الإشارة إلى ذكر إيران جنباً إلى جنب مع كوريا الشمالية في التوصيفات السلبية التي تستخدمها الاستراتيجية. حيث تكرر الاستراتيجية برنامج إيران الصاروخي والأنشطة المتعلقة به وكذلك دعم إيران للجماعات الإرهابية وفق الاستراتيجية في أكثر من سياق، ويبدو أن هذا يعكس مدى حضور إيران على مائدة التحديات التي تواجه إدارة الرئيس دونالد ترامب.
تعتبر الاستراتيجية أن سعي إيران إلى تطوير علاقات اقتصادية مع كل من الصين وروسيا ينطوي على عنصر تهديد للمصالح الأميركية، وأن هذا يضاعف التهديدات بسبب الخلافات الروسية الأميركية وكذلك التباينات بين الولايات المتحدة والصين.
وفي سياق الحديث عن إيران في السياق الشرق الاوسطي ترى الاستراتيجية أن إيران تسعى إلى توظيف الفوضى السياسية في الاقليم والفراغات السياسية التي تسببت فيها تطورات ما بعد الربيع العربي إلى تعميق مصالحها وزيادة نفوذها، وهي تقوم بذلك جبناً إلى جنب مع تطوير قدراتها الصاروخية وتوظيف الاتفاق النووي لتعزيز نفوذها ومصالحها في منطقة الشرق الاوسط وخلق شبكة من الحلفاء.
أمام هذا التوصيف الذي يكاد يكون تكرار لخطابات الرئيس دونالد ترامب حول إيران، تُقر الاستراتيجية أن إيران هي أولوية أمنية سياسية إجرائية بالنسبة لإدارة الرئيس دونالد ترامب، لكن الاستراتيجية لا تدعي أن مواجهة إيران يمكن أن تنجح فقط من خلال ما تقوم في الولايات المتحدة، بل تُقر بالحاجة إلى العمل مع من أسمتهم شركاء الولايات المتحدة للحد من التهديدات التي تتسبب بها إيران عبر علاقاتها مع جماعات إرهابية أو من خلال أنشطتها الصاروخية، وهي شراكة تحدثت عنا نيكيك هيلي سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة قبل أيام من اعلان الاستراتيجية. تعكس استراتيجية الأمن القومي الأميركية للعام 2017 نزعة صدامية وعدائية نحو إيران، كما أنها تستند في ذلك إلى تكرار مع تبنته إدارات أميركية جمهورية خلال العقدين الماضيين، فكيف ستتعامل طهران مع هذا التطور، ذلك السؤال الذي لن يطول الانتظار للإجابة عليه.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
27/12/2017
2923