+ A
A -
شِتاؤُكِ دافئ يا دموع، وليلُكِ بارد بارد، وحضنُكِ هارِب هروبَ موعد مع الفرح، وأنا بيني وبين أندلسي ما بين الكأس والشفة..
احتفال جنائزي عِشْتُه، عِشْتُه أنا أيقونة الوَجد، وَصْلَةُ دموع صامتة جَرَّبْتُ أن أُقَاسِمَ عُودَها البُطولةَ، وأُمسية حزينة بَدَّدَتْ حُلمي بالدفء تحت نافذة الحُبّ وبَعْثَرَتْ نشوةَ الهذيان بالتمني، تمني معانقة لحظات يَتَسَيَّدُها صمتُ الذات تحت سماء اللقاء المؤجَّل..
كنا موجتين، وكان البحرُ ثالثنا بجبروته الدَّفين، وكان قاربُ الشوق المسكين يَتَهادى تَهادي الدموع الأمَّارة بها عيون القلب..
نَجاة يا نَجاة، ما أحلاكِ وأنتِ تُوَزِّعِينَ حَلوى عيد الحُبّ بيننا بالتساوي! لكن يا نجاة، ما أشقانا برحيلكِ المباغِت الذي فَتَحَ صنبورَ الدموع، وأَسَالَ بالْمِثْل ما شاء مِن عَسَل الحنين على مشارف مملكة النحل الواقِف على جدار الانتظار..
مَن قال إن بستانَكَ يا نَحْل العمر لا يَعِدُنا بِقُطوف؟! مَن قال إن مَوْسِمَ عسلِكَ شُروقُه ناءٍ ناءٍ؟! مَنْ قال «هذه ليلتي» حقيقة وخيولي تَسقط تباعا تحت شرفة الأمل البعيد؟!
دالية الحُبّ قُطوفها دانية، غير أن الأصابعَ مَنْ يُرَوِّضُها على تَسَلُّق حِبال الوقت لِتَجْنِيَ ثمارَها عِنَبا عِنَبا؟!
مِن أينَ لنا بمزيد مِن مناديل الصبر للملمة ماء عيون القلب التَّوَّاقة إلى لقاء؟!
مِن أين لنا بِوَعْد يُبَشِّر بكأس شافية مِن حُمَّى العطش؟!
مِن أين لنا بوَرْد لا نَبكيه ولا يَبْكينا؟!
مِن أين لنا بصباح يَعِدُ بالندى والعطر، ويَزفّ إلينا قصيدةَ عشقٍ تَحْمِلُها العنادل إلى ديارنا؟!
مِن أين لنا بشمس لا تَغيب لننتشي رغبةً في حياة ثانية تُنسينا آلامَ غروب باتَ يَجْلِدنا ما لم نَلْتَقِ تحت قُبَّةِ قوس قزح يُعيد إلينا ابتسامةَ الألوان؟!
ثَغْرُكَ يَا وجه الطفولة شِفاهه تَقول وتَقول وتَقول.. وعيناكَ قصيدتان تَرويان صحراءَ الغياب.. ونظرتُكَ البعيدة عن محطات الخوف يشعّ منها ألقُ البدر ليلةَ اكتماله..
سأُسَمِّي شتاءَكِ يا دموع ليلةً، وأُسَمِّيِني ليلى الوَصل البعيد عن ساحة تَحَقُّقِه.. ولْيَكُنْ جنون الترقب الآيِل للدُّنُوّ خيلا ترَكض في اتجاه كسر حواجز المستحيل..
بين مدينتين حالمتين بالتوحُّد جسرُ انتظار تتلاشى عند أُفُقِه غُيُومُ وَهْمٍ يُكَذِّبُ نُبُوءَةَ التلاقي.. وفي أَكُفِّنَا شموع تَكْفُرُ بدِين الظلام الذي تَحجب عباءتُه رسائلَ بحرِ عيون القلب..
تَوْقُنَا بَوْصَلَة تُعِيدُ رَسْمَ خريطة الطريق إلى الحياة، ومَطَرُ الإحساسِ سفينة..
نافِذَةُ الرُّوح:
«كالنُّجوم نَحرس قمرَ الحُبّ».
«طواحينُكَ تَفتك بالهوى وأنتَ تقاسمني الهواء.. بِئْسَ الزمن الذي استعبدكَ يا سانشو!».
«الوقتُ الكافرُ بحُبِّي يُفَصِّلُني لحظةً عابِرةً».
«بين ضِفَّتَي روحي وجسدي يَمْتَدُّ نَهْرٌ نَزفَتْهُ جِراحي».
«ونحنُ صِغار انْبَطَحْنا لِسَوْطِ الْمُرَبِّي.. ونَحْنُ كِبار انْبَطَحْنا لِسَوْط الزمن الأَمَّار بالحُبّ والحَرْب».
«مِسكينٌ يَا سُكَّر! كيف لكَ أن تَذوبَ مجدَّدا وقد انْدَلَقَ فنجانُ الأشواق؟!».
«يا من يُنَادِيهِ فَمِي، أما آنَ لكَ أن تَرْكَعَ لِقَلْبٍ لا يَنبض بعيدا عن مَدار جُنونِكَ؟!».

بقلم :د. سعاد درير
copy short url   نسخ
28/12/2017
2880