+ A
A -
لا جدال في أن نصرا سياسيا، قد تحقق للقضية الفلسطينية، من خلال تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع القرار الذي تقدمت به كل من تركيا واليمن، لرفض قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس الشريف عاصمة لدولة الاحتلال.
فتصويت 128 دولة حول العالم، برفض المساس بتغيير الوضع القانوني للمدينة المقدسة، كان صفعة مدوية للقرار الترامبي، وتحديا أخلاقيا للتهديد والابتزاز الذي مارسته واشنطن على الأمم المتحدة، وأعضائها. لكن ذلك النصر– المعنوي – يجب ألا ينسينا، أن هناك ظواهر رافقت تصويت الجمعية العامة، من الأهمية بمكان التوقف عندها، بل ودراستها، لأنها وان كانت بسيطة هذه المرة، إلا أنها يمكن أن تتضخم في القادم من المرات.
بالطبع لسنا بصدد مناقشة موقف عدد من الكيانات المجهرية، التي تحتاج معرفة مواقعها الجغرافية والسياسية، إلى جهد واجتهاد كبيرين، مثل مارشال، وميكرونيزيا، وناورو، التي أيدت القرار الأميركي، لكن لا بد أن نلتفت إلى موقف دولة مثل توغو، التي أيدت الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال. فتوغو دولة عضو بمنظمة التعاون الإسلامي، وهو ما يجب أن تواجهه المنظمة، التي يشهد دورها تراجعا ملحوظا. موقف توغو، لا بد أن يقودنا إلى متابعة الموقف الإفريقي من التصويت بشكل شامل، فعدد الممتنعين عن التصويت، بلغ 35 دولة، وهو رقم اكبر كثيرا ممن اعتادوا الامتناع عن التصويت في مثل هذه المناسبات، حيث لم يكن الرقم يزيد على أصابع اليدين، إلا أن الملفت من بين الممتنعين 7 دول أفريقية، إضافة إلى 6 من دول القارة السمراء بين، الدول الـ21 التي غابت عن جلسة التصويت. منها دولة جنوب السودان، على الرغم من الدعم الكبير الذي حصلت عليه عربياً منذ إنشائها، وهو في حد ذاته تطور خطير على ساحة الغزو الإسرائيلي للقارة السمراء، التي كانت عمقا سياسيا حقيقيا للعالم العربي، وداعما كبيرا للقضايا والحقوق العربية، وفي مقدمتها بالطبع القضية الفلسطينية.
إذن، يجب أن نعترف بأن هناك تراجعاً في التأييد الدولي للحقوق العربية بشكل عام.
كما يجب أن نعترف بأن حالة التشرذم العربي، الذي تحول إلى اهتراء بكل أسف، هو الذي أسفر عن انزلاقنا وانحدارنا إلى هذه الدرجة، ناهيك بالطبع عن سلب انفسنا لقوتنا الخشنة منها والناعمة، والتفرغ لاستخدامها ضد انفسنا.
السعادة بالنصر السياسي العادل والمستحق، يجب ألا تنسينا هذه المخاطر.
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
31/12/2017
2476