+ A
A -
المتوقع والطبيعي حينما تفكر الصين في اطلاق فضائية موجهة للعالم العربي بغية توثيق عرى الصداقة والثقافة مع العرب، ان تستعين بعدد من المذيعين العرب بمختلف لهجاتهم ليطلوا من خلال الشاشة الصينية، ليقدموا برامجها، فهكذا فعلت الفضائيات الناطقة بالعربية، سواء الأميركية أو الفرنسية أو الالمانية ومن قبلها البريطانية، ولكن بلاد العم ماو اطلقت فضائيتها بالعربية وعلمت عددا من اعلامييها اللغة العربية، رغم صعوبة ذلك، لتصبح الفضائية الصينية الناطقة بالضاد بهوية صينية كاملة، حتى ان العدد الاكبر من المحللين السياسيين الذين يعلقون على الاخبار في برامج، هم محللون صينيون ينطقون العربية بسلاسة لا تخلو من «ضعضعة» في اللكنة، ولكنهم مفهومون تماما لدى الانصات اليهم، ومن الواضح ان الصينيين الناطقين بالعربية ليسوا عددا قليلا، وغالبا فان جميعهم تعلم لغة الضاد في جامعات عربية، ولا تجد الصين حاليا اية صعوبة في توفير المترجمين من العربية وإليها، بينما لم نسع نحن العرب إلى تعلم اللغة الصينية بمثل ما تعلموا لغتنا واجادوها نطقا وكتابة.
وليس الصينيون وحدهم هم من تعلموا لغتنا دون ان نتعلم لغتهم، وصاروا على خطى قدامى المستشرقين الاوروبيين الذين درسوا كل شيء في مجتمعاتنا، ونقلوا منها امهات المؤلفات والمراجع الثمينة، بل ان اليابانيين والروس وغيرهم فعلوا الشيء ذاته، واصبح شباب منهم يجيد الضاد ويحتفي بها، ويقرأ كتبنا وثقافتنا دون ان يهتم شبابنا بتعلم ونطق وكتابة لغات أخرى.
وبمناسبة اليوم العالمي للغة العربية في ديسمبر الجاري فوجئنا بأن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، يبث فيديو تحدث فيه عن جمالية اللغة العربية، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وقال في هذا الفيديو، وباللغة العربية، ما اثار حنق وغضب مستمعيه من العرب، وببساطة يمكن للدولة العبرية من خلال العارفين بالعربية فيها متابعة كل ما يدور بسهولة شديدة في اوطاننا العربية من خلال متابعة ما تقدمه عشرات الفضائيات.
الغريب في الامر ان إسرائيل تزعم ان 50 % من سكانها من جذور عربية ويجيدون اللغة العربية، ويستمتعون بما تقدمه الفضائيات العربية من منوعات برامجية مختلفة، ومن برامج سياسية واقتصادية متباينة المشارب، وكثير منهم يعشق ام كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز ومحمد عبد الوهاب... الخ. ويتابعون مسلسلات عربية تماما مثلما نتابع نحن ايضا، فضلا عن انهم يعتبرون العربية هي لغتهم الثانية بعد العبرية، أي انهم يسطون على لغتنا بعد ان سطوا على اراض عربية، اما نحن فالقليل منا هم من درسوا لغتهم، فضلا عن اننا لا نهتم بلغتنا بمثل ما يهتم بها أغراب كثر بها.
الغريب في الامر ايضا اننا نضعف القيمة العلمية للغتنا العربية، فلا نكتفي بتجاهل معرفة لغات الآخربن، حتى ان غرباء من اعراق مختلفة صاروا يجيدون العربية نطقا وكتابة اكثر مما يجيدها الكثير من شبابنا!.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
02/01/2018
1751