+ A
A -
دخل فضيلته المسجد،
ثم خطب في الناس عن زهد النبي عليه السلام في الدنيا،
وأنه نام يوما على حصير، فوقه تراب وتحته تراب، حتى أثر الحصير في جنبه الشريف وهو أشرف الخلق..
تأثر الحاضرون جدا وبكوا من الموعظة، ومن أسلوب فضيلته المؤثر في إلقائها.
حين انتهى من موعظته،
ركب مع السائق في سيارته الفارهة،
ذاهباً إلى قصره المنيف في حي كذا،
تاركاً المسلمين في المسجد يزهدون في الدنيا وحدهم..
فهو مشغول اليوم جدا، لأنه قد أقام وليمة لنسيبه أبي زوجته الصغيرة، الوليمة عبارة عن خروفين بصغارهما،
مع كامل السيرفس،
وكوم من الفاكهة يطعم عشرين رجلا،
وحمل نخلتين من الرطب الجني الذي حصده للتو من مزرعته الخاصة، ومجامر الطيب تتخطرف أمام مناخرهم، ذهابا وجيئة، قيمة ربع التولة منه تطعم ستين مسكينا.
سألت فضيلته بنوع من المزح «فلي معه بعض الميانة»:
لم لا تزهد في الدنيا؟
ابتسم ابتسامة عريضة، ولسان حاله يقول:
إن ما تراه الآن هو زهد مني في الدنيا، فعندي من الإمكانيات الرغيدة ما لو أطلقتها لنافست فرعون..
ثم قال لي:
دائما أسأل هذا السؤال، ألا تعلم يا رعاك الله أن سيدنا عثمان ذا النورين كان من أغنى الناس في زمانه.. وهو من هو في الإيمان والتقوى..
انتهى كلامه.
الغريب، أن المشايخ والعلماء الآن كلهم يستشهدون بعثمان في الجمع بين التقوى والغنى.. كلهم أصبحوا عثمان!
لا أعرف لم استبعدوا تماما الاستشهاد بزهد محمد أو أبي بكر أو عمر أو علي أو كثير من علماء الأمة...
كلهم أصبحوا عثمان فقط؟! يا للعجب!!!
قد ترونني في الفترة الأخيرة أكثر انتقادا لبعض العلماء في «السعة» المفرطة التي يعيشونها مع مواقف غاية في الخذلان للأمة..
وسبب انتقادي لهم على هذا النحو أنني كنت أحد تلامذتهم يوما..
أعرف تماما «البير وغطاه»
سمعت وقرأت منهم وعنهم..
اكتشفتهم أكثر من غيري لأنني مع بعضهم، وليس جميعهم بطبيعة الحال، «دافنينه سوا»..
بقلم : بن سيف
copy short url   نسخ
09/01/2018
3282