+ A
A -
صناعة الحروب الأهلية حرفة تجيدها الدول الكبرى فمن ناحية تقوم بتشغيل مصانع السلاح لديها، ومن ناحية أخرى تقوم بصناعة الفرقة والتناحر والصراع داخل الأقطار التي لا تريد لها الاستقرار أو تريد الاستيلاء على ثرواتها أو الانتقام من زعمائها الذين وقفوا ضدها، ومن ناحية تصنع لنفسها بؤرا وحلفاء وعملاء داخل هذه الدول يخدمون مصالحها ويحققون أهدافها، وحينما تعجز الدول الكبرى عن تحقيق ما تريد تترك الدول في حالة صراع لا نهاية لها مثل الصومال وأفغانستان وسوريا وليبيا والعراق واليمن أو دول الساحل والصحراء في إفريقيا، ورغم أن الولايات المتحدة كانت اللاعب الرئيسي في صناعة الحروب الأهلية منذ حرب فيتنام وحتى الآن إلا أن إسرائيل لم تعد تكتفي بجرائمها التي ترتكبها ضد الفلسطينيين أو ضد الدول العربية المجاورة لها أو حتى البعيدة عنها ولكنها بعدما أصبحت أحد أهم عشر دول في تصدير السلاح إلى دول العالم دخلت بقوة في مجال إشعال الحروب الأهلية وتدريب المتمردين في دول كثيرة، معظمها دول إفريقية، كما أنها اتهمت بشكل مباشر بأنها تمول حكومة ميانمار التي تقوم بتهجير المسلمين وقتلهم بطرق بشعة في عمليات تطهير عرقي أدانتها الأمم المتحدة بشدة، كما أن فضائح إسرائيل بتمويل وتدريب الأكراد للتمرد على العراق أو تركيا أو إيران لم تعد سرا، وقد بدأت في ستينيات القرن الماضي، كما أن تدريبها وتسليحها للمنظمات المتمردة في جنوب السودان والتي أدت في النهاية إلى انفصال جنوب السودان عن شماله وثقت في مصادر كثيرة، ورغم أن علاقات إسرائيل بدول القارة الافريقية كانت محدودة إلا أن قيام السادات بزيارته للقدس عام 1977 ثم توقيعه اتفاقية كامب ديفيد بعد ذلك في العام 1979 فتح كل الأبواب المغلقة أمام النفوذ الإسرائيلي وجعل القارة الافريقية ملعبا واسعا لإسرائيل وصل لحد الترتيب لعقد قمة إفريقية إسرائيلية بعدما قام نتانياهو بحضور القمة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية «إكواس» حيث تسعى إسرائيل لدعم الحرب القائمة في غرب إفريقيا ضد الجماعات الإسلامية التي توصف بالتطرف حتى تجد موطئ قدم لها في تلك المنطقة من ناحية، وتكون شريكة فيما يسمى بالحرب على الإرهاب وحتى تكتسب ود تلك الدول في المحافل الدولية وتنال دعم هذه الدول في حربها على الشعب الفلسطيني، واعتبار حركات المقاومة الفلسطينية حركات إرهابية، وحيث إن إفريقيا أصبحت منطقة صراع ونفوذ عالمي بين قوى جديدة مثل تركيا وإيران والصين علاوة على قوى الاستعمار القديم الفرنسي والبريطاني والأميركي والبلجيكي وغيرها، فقد سعت إسرائيل ليكون لها موطئ قدم ولأن الشعوب الافريقية لديها مخزون قديم من الكراهية والرفض لإسرائيل فقد سعت إسرائيل لترسيخ وجودها خلال السنوات العشر الأخيرة عبر الدبلوماسية تارة وتجارة السلاح والتدريب والشراكة الاقتصادية والأمنية تارة أخرى، ثم أصبحت إسرائيل متورطة بشكل مباشر بالحروب الأهلية في إفريقيا بل أصبحت طرفا فيها من خلال التدريب والتسليح، لكن دور إسرائيل يتضخم والحروب الأهلية تزداد وتتفجر والخوف يزداد من تفشي هذه الظاهرة داخل بعض الدول العربية التي تعاني من الاضطرابات والأزمات ومؤامرات إسرائيل.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
11/01/2018
7114