+ A
A -
ربما لا توجد قصائد شعر في الأدب العالمي برمته تحفل أبياتها بجمال العيون السود مثلما تغنى بها شعراء العرب عبر أجيال وأزمنة مختلفة، فالعيون السود التي تشبه عيون المها في بريقها وجمالها واتساعها كانت دائما تأسر الشعراء الذين تغزل معظمهم بجمالها، ومع ذلك ستجد صاحبات عيون سود يتمنين لو ان عيونهن كانت زرقاء أو خضراء كما عيون الفرنجيات الأوروبيات، كما ستجد اوروبيات يتمنين لو ان عيونهن بجمال عيون المها العربية السوداء، ولهذا كان ظهور طب العدسات، التي يمكن من خلالها تغيير لون العيون، بحسب المزاج، ثورة في عالم التجميل، ولكن الطب الحديث لم يتوقف عند تغيير لون العين باستخدام عدسات، بل صار من الممكن لاطباء ان يغيروا بالفعل لون العين بعملية جراحية، فقد نجح طبيب عربي في تغيير لون عيني امرأة يابانية من اللون الاسود الذي كانت عليه إلى اللون العنبري، وسرعان ما تحدثت صحف عربية عن هذا الانجاز الطبي، مما جعل هذا الطبيب يتلقى عروضا عديدة من سيدات يطلبن تغيير لون عيونهم، كل منهن بحسب ما ترغب.
هذا الطبيب العربي اعترف أن هذا النوع من العمليات يجري في عدد محدود من دول العالم، وأنه تمت الاستعانة بخامات من السليكون في تغيير لون العينين، وانه ما زالت هناك أبحاث لاعتماده عالميا من خلال مؤسسات البحث والاعتماد الطبية العالمية، ومنها الولايات المتحدة الأميركية، مؤكدا أن هناك بعض الآثار الجانبية غير الضارة تحدث أحيانا لبعض المرضى، ويتم الشفاء منها سريعا، ولم يثبت وقوع أضرار خطيرة في جميع العمليات التي تمت.
كما كشف هذا الطبيب ايضا انه تلقى العديد من الطلبات من الأطباء للحصول على تدريبات في إجرائها، ما يعني انه في غضون عقد واحد من الزمن، بل وربما اقل من ذلك، ستشيع هذه العمليات ويصبح إجراؤها ميسورا في العديد من المشافي والعيادات في العالم.
صديق قال معلقا على مثل هذه العمليات: انه يتوقع ان تقبل العديد من السيدات العربيات إلى تغيير لون عيونهن إلى الازرق والاخضر، فلن تكون عيون الاوروبيات الملونة حكرا على نساء القارة البيضاء العجوز، بدليل انه ما أن ظهرت في الاسواق صبغات الشعر الشقراء حتى شاع بين نساء عربيات لون الشعر الاشقر المصبوغ، فهناك عشق مستتر لمواصفات الجمال الابيض، رغم ان العيون باللون الذي خلقت به تظل الأجمل والأكثر جاذبية.
الأسئلة الذي تطرح نفسها بعد الاعلان عن هذه الجراحات التجميلية الجديدة: هل سيؤثر تغيير لون العينين على بصمة العين؟ وهل سيمكن لأفراد مطاردين قانونيا أو جنائيا أن يفلتوا من يد العدالة ببلادهم من خلال تغيير لون العينين؟ أليس من المهم بحث الآثار الجنائية لهذه العمليات قبل إجازتها؟ وهل أن الطب الحديث صار يتطرق إلى مستحدثات غير جوهرية وقليلة الاهمية، بينما يتعين عليه إيلاء أمراض العيون الخطيرة وضعف البصر بدرجاته المختلفة الأولوية القصوى على ما عداها من أبحاث وانجازات علمية؟
بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
16/01/2018
2929