+ A
A -
لم يتوقع احد ان يتصرف دونالد ترامب كما يفعل الآن تجاه التطورات الجارية في ايران. فقد فهمنا من الرئيس الاميركي الحانق، كما يظهر، على الاتفاق النووي مع ايران، بوعود قاطعة لكسر يد كل من يحاول الوقوف في وجه الولايات المتحدة.
صدّق البعض تلك الوعود، خاصة عندما ابلغ ترامب ومرافقوه المسؤولين في الرياض في شهر مايو الماضي، بأن واشنطن ستساند مواجهة ايران عسكريا بما يجعلها تقف نادمة عاجزة صاغرة في الساحة الدولية.
ولكن عن اي ندم يتحدث وعن اي ساحة وأي وعود؟ فالمفاجأة كانت صادمة عندما قال ترامب قبل يومين فقط إنه «سيسامح» ايران لهذه المرة فقط ولن يفرض عقوبات جديدة تتعلق ببنود الاتفاق النووي.
غير ان ما قطعه الرئيس على نفسه من وعود لم يأخذه العاملون ببواطن الامور، على محمل الجد. فالولايات المتحدة بحاجة كما قال الباحث الاميركي المعروف «آرون ديفيد ميلر» لمحطة «سي. إن. إن»، الى أخذ نَفَس عميق والقبول بالحقيقة المرة، وهي انها لا تملك إلا القليل من الوسائل للتأثير على النظام أو المتظاهرين في الميادين، والمطلوب منها العثور على المفتاح الصحيح القادر على خلق التوازن الفعال بين الجهد الكبير الذي تبذله دون حاجة، والجهد القليل فقط المطلوب منها.
وإذا كان ترامب قد باشر تحديه الفارغ لإيران بأنْ أمطرها بتغريداته حول حقوق الانسان هناك، فإن إيحاءه بأن واشنطن جاهزة لحماية المحتجين وتشجيعهم على النزول الى الشوارع، سيترك المواطن الإيراني اضعف وأكثر انكشافا امام الضربات العسكرية للدولة الايرانية التي لا تبدو واشنطن راغبة في خوض مجابهة معها.
وثمة الكثير من المحللين ممن يعتقدون ان ترامب سيجعل اميركا تبدو هشة عندما تظهر محصلة التطور ان النظام الايراني لم يتغير.
والصحيح هو ان ترك الولايات المتحدة في حالة من عدم اليقين سيؤذي سمعتها ويدفعها الى الخروج خاسرة من معركة تظنها ستكون لصالحها. لذلك يجب ألا نستغرب عندما يدعو ميلر واشنطن الى انتهاج سياسة النأي بالنفس عن التصريحات النارية غير القابلة للتنفيذ.
ونعلم جميعا انه اعتبارا من 11 يناير الحالي، يواجه ترامب مهمة اتخاذ قرارات رئيسية بشأن الاتفاق النووي الايراني، وما اذا كان سيعيد فرض العقوبات على طهران، او ما إذا كان سيصادق على الاتفاق، أو ينفذ وعده القديم بتمزيقه، دون ان يجرؤ على ذلك، مرة تلو اخرى.
اما اذا لجأت ايران الى القوة لإسكات المحتجين، فلن يكون امام ترامب إلا ان يحصر تغريداته في التلويح بفرض عقوبات اخرى بالتنسيق مع الاوروبيين، غير المتحمسين لرأيه او الواثقين بمواقفه، خاصة أن الضغط من اجل التغيير يعزز إرادة النظام الايراني بأن يقاوم وينزع شرعية المحتجين من خلال ربطهم بواشنطن، وإظهار ترامب إما عاجزا او غير راغب في احتواء القوة الايرانية المتصاعدة في المنطقة، وهو ما وعد به الرياض مرات في الشهور الاخيرة دون الوفاء بوعد ضخم للغاية وعالي الكلفة جدا!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
16/01/2018
2757