+ A
A -
في كل يوم يتأكد لنا أن بحر العلم بلا نهاية، وندرك الحكمة في قوله الله سبحانه وتعالى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) ( الإسراء – الآية85) وأن فضيلة الإسلام الكبرى أنه يفتح أبواب المعرفة ويأمر المسلمين على البحث وقبول كل مستحدث من العلوم، ويدعوهم إلى امتلاك أحدث وسائل البحث العلمي ويحذرهم من الوهم بأنهم حصلوا على كل العلوم..إن الإسلام يدعو إلى العلم والعمل من أجل مستقبل يسود فيه المسلمون بعلمهم وقوتهم المادية والروحية.
وهذا ما تلخصه الحكمة التي تدعو المسلم إلى طلب العلم من المهد إلى اللحد لأن قيمة الإنسان الحقيقية في العقل والإدراك، وبهما توصل إلى أسرار الذرة ومكوناتها، وتمكن من تخليق عناصر ومواد جديدة لم تتواجد من قبل ومنها البلاستيك بمشتقاته الكثيرة، والأقمشة الصناعية مثل النليون والتيربلين والداكرون، والمطاط الصناعي بأنواعه، واللدائن الصناعية وغير ذلك كير. وبعد أن تفهم العلماء بعض أسرار الخلية استطاعوا تكوين سلاسلات جدية من النباتات والحيوانات والميكروبات، وبعد أن توصلوا بعض أسرار الطبيعة وبعض قوانينها استطاعوا السيطرة على البخار فبدأ عصر الآلة، ثم سيطروا على الإلكترون فكان عصر الكهرباء، ثم انتجوا الصواريخ فبدأ عصر الأقمار الصناعية ما جعل عالما كبيرا مثل الدكتور عبد المحسن صالح إلى القول بأن عصرنا القادم عصر علوم الحياة الذهبي، فقد نجح العلماء في عزل الخلايا الإنسانية والحيوانية والنباتية وترتب على ذلك نتائج مذهلة، ويكفينا النجاح في نقل القلوب والكلى والعيون وزراعتها في من يحتاجون إليها، وبعد أ، تفهم العلماء بعض قوانين الكون تطلعوا إلى محاولة معرفة بعض أسرار الخلق في الكون العظيم الذي خلفه.
إن المعرفة هي غاية المسلم وهناك فرق كبير بين من يعرف ومن لا يعرف، لأن إنسان اليوم غير إنسان الأمس، وعالم اليوم غير عالم الأمس، وصراعات اليوم غير صراعات الأمس، ومسايرة روح العصر الحديث هي سلاح المسلم، فما دامت لغة العصر هي القوة فليكن المسلم قويا بكل أسلحة القوة، وإذا كان العلم هو روح العصر فليتسلح المسلم بالعلم الحديث ويشارك في إنتاج وابتكار المعارف والعلوم.
إن العلم يعيش اليوم في مرحلة يطلق عليها«الموجة الثالثة» التي تتميز بالتقدم التكنولوجى وبالتواصل إلى معلومات وحقائق علمية تحقق تقدما مذهلا في الصناعة والزراعة وفي إنتاج سلع وخدمات جديدة بحيث تؤدى إلى اندثار مهن وتخصصات تقليديي ونشأة مهن وتخصصات جديدة وملاحقة سرعة التغيرات في مجالات العلوم تحتاج إلى جهد خارق، فاليابان تستخدم الإنسان الآلي في صناعة السيارات وغيرها من الصناعات، وقدرة أي حاسوب صغير تتضاعف أربعة آلاف مرة كل عشر سنوات، وأصبحت التكنولوجيا فائقة الصغر مدخلا هائلا إلى علاج أمراض كانت مستعصية على العلاج الطبي وأصبح شائعا استخدام آلات فائقة الصغر في مجرى الدم لتجرى عمليات جراحية في أماكن لم يكن ذلك ممكنا من قبل، والأمثلة والنماذج كثيرة. وما نريد أن نركز عليه هو أن المسلمين هم أولى الناس بالعمل في مجالات البحث العلمي وذلك أتباعا لقول رسولنا الكريم« من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله طريقة إلى الجنة» وقوله صل الله عليه وسلم «يوزن مداد العلماء بدماء الشهداء يوم القيامة» والقرآن يوجه المسلمين إلى النظر في الآفاق وفي أنفسهم، وفي التاريخ الإسلامي فترات كان فيها المسلمون هم سادة العلم في العالم ولم تتقدم أوروبا إلا حين نقلت علوم العرب وواصلت السير على منهجهم.
والعلوم التي يجب أن يتسلح بها المسلمون هي علوم الدين وعلوم الدنيا جميعا ليعودا إلى مكانهم الطبيعي في القيادة والسيادة.
بقلم : رجب البنا
copy short url   نسخ
27/01/2018
3121