+ A
A -
ليس مهماً ما يسرقونه منك بل المهم ان يتمكنوا من الاحتفاظ به، وتذكر دائما ان العقل السلبي لا يفتح آفاقا ايجابية وأنه ليس من الذكاء التظاهر بالغباء، او ان تتغافل عن كرامتك ولو مرة، وأنت فخور بها طول الوقت.
هذه نصائح ثمينة وجزء من تراث بشري منسوب الى عقلاء وضعوا ايديهم على الحقيقة، ولم يتعاموا عنها أبدا. وهي في الواقع إهداء الى كل من يحاول ان يفهم دونالد ترامب. فهذا الرئيس الحامل للرقم 45 ليس إلا باراك أوباما الثاني الذي نجح في لعب دور الغبي، رغم انه داهية يعتبر اليوم صاحب المؤامرة الحقيقية.
وإذا تجاهلنا شعار »اميركا اولا«، الذي سرعان ما فقد شعبيته بعد ثبوت علاقته بهوس البيت الابيض تجاه روسيا وبوتين، علينا ان نتذكر ان الشعار التالي »اميركا ليست وحدها« الذي أطلقه رجال ترامب مات في اسبوعه الاول لسببين: الاول ان واشنطن في سبيلها لإقرار ميزانية مساعدات للأردن بقيمة مليار وثلث رغم تصويته ضد جعل القدس عاصمة لاسرائيل، والثاني ان هذا التضارب الذي ظهر في عدة اشكال وحالات، اكد ان اميركا وحدها فعلا.
فالعزلة الاميركية شبه الكاملة مسؤول عنها مسلك ترامب السادي تجاه معظم العالم وقضاياه وسكانه، بما ذلك اوروبا التي اتهمها بالجحود والسلطة الفلسطينية عندما شكك بصلاحية محمود عباس كشريك لاسرائيل، وهو - حسب رأيه - فاشل وعاجز عن تحقيق السلام.
هاجم ترامب دول اوروبا الرئيسية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا لأنها تريد تقسيم القدس بين اسرائيل وفلسطين، غير ان هذه الدول التي تمثل »زبدة اوروبا«، بل العالم بقاراته الخمس، بما في ذلك إقطاعيات بحرية تملك حق التصويت مثل »ماكرونيزيا« و»سيشل«، تظاهرت بدعم حماقات الرئيس رغم ادراكها ان ما فعله بالقدس وأوروبا والناتو، ومؤتمر المناخ ولقاء دافوس وقضايا اللاجئين والملونين ودفاعه حتى عن اصحاب البشرة البيضاء، واعتباره المرأة مجرد أداة بيد الرجل، هي مواقف تتسم بالجهل السياسي وغير عاقلة او انسانية.
قد يفقد المرء استمتاعه بالتهكم على مسلك ترامب وأسلوبه ومواقفه، فضلا عن ان اعتباره اول رئيس اميركي يخاطب دافوس منذ بيل كلينتون قبل 18 عاما، لم يساعده في اكتساب صديق او نصير. وليس هذا فحسب، بل واجه غضب افريقيا عندما وصف قادتها بالحثالة (لفظه المفضل)، قبل ان يرفض القادة اعتذاره عن هذه الاهانة واستدعوا سفراءه للاحتجاج.
وكان الفلسطينيون أشد غضبا حين شن ترامب حربا عدوانية مفتوحة ضدهم وحرمانهم من زيارة الولايات المتحدة ومن مبادراتها »السلمية«، مما جعل حتى محمود عباس يقتنع بأن »الغرب يحاربنا منذ مائة عام«!
ما زال ترامب يهدد بقطع المعونة الاقتصادية عن الضفة ويتهم منظمة التحرير بالارهاب إلا إذا عادت الى التفاوض مع اميركا وإسرائيل، وتخلت عن اهانة واشنطن لرفضها استقبال نائبه مايك بنس.
أخيرا: هل نتحدث عن دولة عظمى ام عن غيلان تفرض ما تريد بقوة المال والسلاح، وليس بالحكمة والعدل؟!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
31/01/2018
2459