+ A
A -
تتشابه ظواهر الحياة، وصورها وان اختلفت المخلوقات وتعددت. وقد تعلم الإنسان كيف تنبت الأشجار وكيف ستكون مستقبلا ًمن جودة البذور، والأرض التي تنغرس فيها، والماء الذي يسقيها، والظروف المناخية التي تتوفر لها، وكذلك الإنسان وإن كان أشد تعقيداً، وحساسية.في الغالب نستطيع أن نتنبأ بشخصيته المستقبلية من ظروف نشأته، وتربيته. ولو عدنا إلى الكثير من الشخصيات الكارثية في تاريخ البشرية، وحاضرها لوجدنا خلفها طفولة بائسة، أو تربية عشوائية لا ملامح لها، أو والدين قاسيين، أو أما مهملة.. صور متعددة لكن المشترك فيها هو اضطراب أو غياب دور الأم الحقيقي تحديدا. ونقصد بالشخصيات الكارثية هنا. التي ملكت القوة أو السلطة تحت ظل هذه الشخصية الغير سوية سلوكيا، وفكريا، وعاطفيا حتى تسببت، أو مازالت تتسبب في الكثير من المشاكل والشرور، والآلام للبشرية بدم بارد حتى ترى أحدهم يتجول بدراجة زاعما أنه يزرع الفرح، ويمنح الكثير للبشرية بينما يئن الملايين خلفه جوعا، ومرضا، ووجعا. لذلك نطالب الأمهات من منطلق إنساني إنقاذ البشرية من هذه الكوارث، وعلى مستوى الشعوب من مزيد من العاهات النفسية الآخذه في التراكم. خاصة أن الأفراد هم من تبنى منهم المجتمعات، وبالتالي هشاشة الفرد تؤدي إلى هشاشة المجتمع ولنتخيل كيف سنعيش في مجتمع تتكاثر فيه العناصر الهشة التي من خلالها تخترق المجتمعات أخلاقياً، وثقافياً، وحتى عقائدياً خاصة مع الوفرة المادية، والرفاهية التي نعيشها في زمن تتغير فيه الأشياء بسرعة كبيرة.
في الماضي كان العالم يقدس ويمجد ويطبل للذكاء العقلي، واليوم بعد ان شحت العاطفة في مسيرة هذا العصر اكتُشِفَ أن الذكاء العاطفي هو القمة وهو ما يجب أن ننجحه في ابناءنا حتى تنجح مجتمعاتنا لذلك فالسر عند الأمهات يكمن في عطائها العاطفي الفريد منذ لحظة الولادة.. الرضاعة الطبيعية كمثال ليست عملية فسيولوجية فقط بل هي منجم من الفوائد البدنية، والعاطفية، والنفسية بينما تتنازل عنها الأمهات بسهولة أمام المفترض من أمور الحياة الحديثة، وليس لقلة الوعي بأهميتها. بل وصل الأمر عند البعض منهن إلى التجاهل من أجل ألا يكون الطفل عائقاً أمام رحلات السفر، والاستجمام المتعددة في مؤشر خطير إلى أن الاهتمام ببناء الإنسان واقعيا في أقل مؤشراته أمام موجات الاستهلاك الجامحة التي غمرتنا رغم كل ما يشاع، ويعلن. في حين كان السابقون يحرصون حتى على ألا ترضع ابناءهم امرأة حمقاء، أو بها خلل، رضعت أغلب الأجيال البشرية اليوم من البقر. ربما يفسر هذا بعضا من البلادة الحسية، والتوهان العقلي الذي نعاني منه بعض الأحيان. في النهاية لا ننكر كل الجهود التي تركز على التنمية البشرية من حكوماتنا، والمناهج التعليمية التي توضع من أجل ذلك لكنها تبقى متعثرة، وقاصرة ان لم يبدأ التصحيح. وكما تحتاج الدول جيوشا قوية مخلصة لحمايتها فإنها تحتاج لجيوش قادرة، مخلصة من الأمهات.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
06/02/2018
2755