+ A
A -
يجب ألا نتعامل مع انضمام الإرهابي الروسي أفيغدور ليبيرمان إلى حكومة نتانياهو، كما لو أنه يحمل راية التطرف والعنصرية، أو كما لو أنه الصقر الوحيد في حظيرة حمائم. لا حاجة لدينا إلى المبالغة في تصوير قدومه إلى الحكم، رغم أهمية إشراك ملووث لا يملك تجربة عسكرية أو أخلاقاً إنسانية، في صنع القرار الإسرائيلي.
في المحصلة، كل الوزراء في تلك الدولة المارقة، ليبيرمانيون.. وعندما ضمه نتانياهو إلى العصابة وعينه وزيراً للحرب، يكون قد أظهر أسنانه العنصرية وكشف مدى افتتانه بالمقاربة الهولوكوستية التي يفكر فيها وزيره الجديد تجاه الفلسطينيين الذين أصبح إعدامهم ميدانياً أو عبر المحاكم، من هذه اللحظة، أسهل بموجب شرط وضعه ليبيرمان لقبول وزارة الدفاع خلفاً لموشيه يعلون توأم روح «بيبي» كما كان يقال عنه !
كل وزير في حكومة الليكود كابوس، لكن ليبيرمان يختلف عنهم في أنه فضيحة متنقلة لا يخفي سراً ولا رغبة شريرة تعتمل بنفسه، وهم في الحقيقة يغبطونه بل يحسدونه على سعة شره، حتى أني لا أظن أن وزيراً واحداً منهم، لا يحلم بقصف سد أسوان المصري، أو إلقاء قنبلة نووية على غزة، أو اغتيال قادة «حماس» أو تسميم الفلسطينيين وإشعال النار فيهم جميعاً ليتحول كل واحد منهم إلى «دوابشة».
كلهم ليبيرمان إذن، غير أن القراءة الكامنة وراء قدوم قبضاي الحانات من أزقة موسكو وكباريهاتها الرخيصة التي تفوح منها رائحة الجنس والكوكايين، ربما تحمل مع مضي الوقت أخباراً طيبة لأحرار العالم وشرفائه ممن يدركون قرب خراب المؤسسة العفنة التي بناها الصهاينة في فلسطين بمساعدة الدول الغربية الكبرى وروسيا.
خلال تاريخ إسرائيل القصير، الذي لا نظنه سيطول كثيراً، كان قادة الجيش والمخابرات هم الذين يستخدمون القوة المفرطة، وهم الذين يزدرون القانون وحقوق الإنسان، لكن خوفهم من المثول يوماً أمام جنايات لاهاي، لطف من موقفهم الذي تلقفه نتانياهو وعمقه إلى درجة استيطان الضفة كلها وقتل حل الدولتين، ثم جاء بليبيرمان الذي يملك صلاحية شن الحروب في أي لحظة.
نتانياهو الآن في مرحلة تطهير الجيش والمخابرات من الجنرالات والقادة، بدءاً بيعلون ثم نائب رئيس الأركان يائير غولان الذي شبه إسرائيل بألمانيا النازية في ثلاثينيات القرن الماضي، في انتقاد صارخ لمعاملة الفلسطينيين كما عامل هتلر اليهود مانعاً الألمان من الزواج منهم.
قضى نتانياهو على «الخونة اليهود» الذين يدافعون عن حقوق الفلسطينيين، وقيّد نشاطات منظمات حقوقية مثل بيتسليم والسلام الآن ولنكسر الصمت وكثير غيرها، وهدد الصحفيين الذين يكتبون عن عنصرية إسرائيل أو يتعاطفون مع الفلسطينيين، وعين إيليت شكيد كارهة العرب التي دعت إلى قتل أمهات المقاومين، وزيرة للعدل.
وها هو الآن يقضي على استقلال الجيش والمخابرات، ما دفع إلى التساؤل: هل ينفذ كبار الضباط أوامر نتانياهو وليبيرمان إذا طالبا بعمليات يعتبرها العسكر ضارة بمصلحة إسرائيل؟
تظهر في إسرائيل الآن دولة استبدادية لا رائحة لديمقراطية أو عدل فيها، حتى للجمهور اليهودي، وغسيلها القذر لم يعد ممكنا إخفاؤه أو التستر عليه.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
27/05/2016
2382