+ A
A -
من غير المنصف التحدث عن نجاح قطر في التغلب على الحصار الرباعي، دون الاشارة الى قدراتها على تحقيق نجاحات متتالية ما زال الاعلام الغربي، لا العربي، يشير اليها من حين الى آخر.
وإذا كانت بعض دول الحصار قد لجأت الى التقليل من شأن التصدي القطري الفعال لمؤامرة الرباعية، فإن التفاصيل ما زالت تتكشف لتمنح الدوحة المزيد من أسباب التباهي بجهودها الدؤوبة والحكيمة والسديدة التي أفشلت ما لم يتوقع الكثيرون إفشاله.
وصنفت مجلة «ذا نيشن» الاميركية على سبيل المثال ما انجزته قطر على انه نجاح كبير في تحييد حصار ظالم وغير مبرر، من خلال مرونة اقتصادية عالية، وإقامة شبكة علاقات دبلوماسية فريدة مع اشخاص وصفتهم المجلة بالناضجين في الولايات المتحدة.
ولأول مرة تعزو مجلات اميركية معروفة مثل «ذا نيشن» و«هافبوست»، فشل مؤامرة يونيو 2017 ضد قطر، الى عدم إقدام دول الحصار على إعادة رسم خريطة الشرق الاوسط على ضوء ما أحدثه غزو صدام حسين للكويت من تغييرات وتبعات. وربما تفسر هذه النظرية بعض اسباب الفشل في السيطرة على دولة قطر.
ويدعونا ذلك الى التساؤل عن اسباب عجز دولتين اكثر سكانا، وامتلاكا لثروات نفطية وموارد اعلامية وعسكرية ضخمة، عن إخضاع دولةصغيرة كقطر، تعتز باستقلالها وتدافع عن سيادتها دون تردد او خوف من دول اكبر مثل السعودية والإمارات، وتساعدهما مصر والبحرين ايضا؟
لقد استنتجت الصحيفتان كغيرهما من صحف رائدة، ان الرياض وأبوظبي تلقتا هزيمة واضحة تجعل المرء يوقن بأن الدوحة استطاعت بتدبر وحصافة التفوق على خصمين أشد حيلا للعدوان والهيمنة.
ربما يكمن السبب كما يقول الخبير «خوان كون» الاستاذ بجامعة متشيغان، الى عدم فرض الرياض وأبوظبي تغييرات جغرافية فورية في المنطقة، والاستعاضة عن ذلك بشن حرب دموية مدمرة على اليمن، ثم محاولة اخضاع سعد الحريري لإرادتهما وإجباره على الاستقالة.
ويكشف الاعلام الاميركي عن عنصرين مهمين للغاية منحا قطر القدرة على إلحاق هزيمة مبكرة بالمعتدين الذين تآمروا ضدها. فوزير الدولة لشؤون الدفاع خالد بن محمد العطية كشف مثلا ان السعودية والامارات استعدتا لغزو بلاده من خلال تحريض قبائل قطرية لإثارة الفتنة، غير ان هذ المحاولة باءت بالإخفاق وقوبلت برفض شديد من الشعب القطري عموما.
والمؤكد ان هذه المحاولات التآمرية دفعت قطر الى الاسراع في التوصل الى اتفاق مع تركيا لإدخال عدد من قواتها الى قاعدتها في قطر، مما اسهم في إيقاظ الرياض، ولكن بعد فوات الأوان، وإثبات خطأ ظناه سيفلح في الهيمنة على القرار القطري، وهو امر لم ولن ينجح، بدليل طبيعة التطورات التي حدثت منذ بداية المؤامرة.
وإضافة الى تفعيل الاتفاقية العسكرية الموقعة مع انقرة، سارعت الدوحة الى التفاوض مع طهران التي سمحت للطائرات القطرية بالمرور فوق أراضيها والتزود بالسلع الغذائية جوا وبحرا، ما ساعد في الالتفاف على الحصار وإفشاله، وإثبات ان المؤامرة لم تكن بالسهولة التي توقعها المتآمرون الاربعة.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
21/02/2018
2986