+ A
A -
وافق مجلس الأمن الدولي على تعيين الدبلوماسي البريطاني السابق مارتن غريفيت مبعوثاً أممياً جديداً لليمن خلفاً للمبعوث السابق إسماعيل ولد احمد. المبعوث الجديد عمل في مهام دبلوماسية كرجل ثان ولعل أبرزها الملف السوري حيث عمل مع دي ميستورا، وعمل أيضا على تطوير نماذج للحوار السياسي والوساطات في بلدان متعددة في اوروبا وافريقيا وآسيا. ويذكر له دوره النشط في تأسيس مؤسسة خيرية تسمى «انترميديات» في لندن والتي تسعى إلى الوساطة في حل النزاعات والصراعات.
يأتي الاختيار بعد فشل ذريع للمبعوث السابق في مواجهة الأبعاد المتعددة للازمة في اليمن، ومنها الأزمة الإنسانية والتي تفيد الأرقام بأن أكثر من 70? من السكان يواجهون خطر المجاعة، وأن أكثر من خمسة ملايين طالب بلا تعليم، وأن كل عشر ثوان يموت طفل يمني بسبب نقص الرعاية الصحية.
هذه الأزمة الإنسانية والتي يتم تحميل جزء منها للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية كما تتحمل الحكومة الموجودة في صنعاء والتي تتولى أمورها جماعة الحوثي التي سيطرت على المشهد السياسي بقوة السلاح وعبر تحالف مصلحة مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
تلعب الأطراف الخارجية دوراً بالغ السلبية في تأجيج الصراع في اليمن وقامت بتحويله إلى ساعة أشبه بالحرب الأهلية بعد أن انهارت الحكومة المركزية وفشل التحالف العربي في إعادة تلك الحكومة إلى صنعاء، الامر الذي أخذ اليمن إلى منعطف آخر أكثر سوءاً يتعلق بخطر التقسيم.
تعتبر إيران أحد أهم الأطراف التي تلعب دوراً سلبياً في اليمن من خلال الدعم السياسي والعسكري الذي تقدمه للحوثيين، وقد أفشلت روسيا باستخدامها الفيتو ادانة إيران بخصوص انتهاكها لحظر الأسلحة في اليمن والذي كان الوسيط الأممي السابق يعتبره خطوة مهمة لتخفيف حدة التوتر، لكن إيران استمرت بطرق متعددة تزويد الحوثيين بالسلام ولاسيما النوعي حتى تواجه قوة التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
ويبدو جلياً أن إيران تعتبر الحوثي يقود بالنيابة عنها حرباً مع السعودية والتي تمر العلاقات معها في فترة عداء وخصومة واضحة منذ العام 2016، ولا تتردد السعودية في مهاجمة إيران واعتبارها المصدر الأساسي للإرهاب وعدم الاستقرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط.
ما هو ملفت للانتباه في تعيين المبعوث الاممي هو أن يقدم نفسه برؤيا مختلفة للازمة في اليمن، اذ يعتبرها مختلفة جداً عن الأزمة في سوريا أو العراق، ويعتبر الأولوية البعد الإنساني، وهو مدخل لا يتناول جوهر الأزمة باعتبار أنها أزمة تم إنتاجها وتعقيدها عبر حضور أطراف لديها خصومات بين بعضها البعض وتقوم بتصفية حساباتها على الأرض اليمنية دون الاخذ بعين الاعتبار الثمن الذي يدفعه الانسان اليمني والتدمير الذي تتعرض له البنية التحتية الضعيفة أصلاً. في هذا السياق يبرز دور الإمارات العربية المتحدة التي تسعى إلى تحويل الموانئ اليمنية إلى نقاط سيطرة اقتصادية لها حتى ولو كانت التكلفة استمرارية النزاع وتأجيجه وبخسارات مضاعفة بالنسبة لليمن.
لقد تحولت اليمن من ثورة سلمية تريد التغيير عبر أدوات سليمة حضارية إلى حرب أهلية بين أطراف لا ترغب في هذا التغيير، ولم تكتف بذلك بل فرضت على اليمن نزاعاً عسكرياً وحرب أهلية أعادة اليمن عشرات السنوات للوراء بسبب اجندات خاصة بها، أجندات قد يستوعبها المبعوث الاممي الجديد، لكنه إلى أي حد يستطيع تفكيكها، والى أي حد لديه من القوة لوقف توريد السلاح وتأجيج الصراع عبر تلك الأطراف الخارجية؟ ذلك السؤال الذي سيجيب عليه أداء المبعوث الأممي الجديد.
بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
28/02/2018
2326