+ A
A -
ظنت السعودية عندما تبنى الاميركيون نظريتها حول «الدور الايراني المزعزع للاستقرار في المنطقة»، انهم سيحولون اقوالهم الى افعال، لكننا نراهم يعودون تدريجيا الى أحلافهم التقليدية لضرب التوازن الاقليمي القائم حاليا لمصلحة طهران.
غير أن الدولة الإيرانية لم توضع «تحت الرادار الاميركي» كما توقعت الرياض بعد إغداقها على الولايات المتحدة بالعقود العسكرية والاقتصادية مقابل احتواء التوسع الإيراني.
ورغم ان السعودية والإمارات والبحرين ومصر واسرائيل رحبت بالسياسات التي وضعتها الادارة الاميركية الجديدة، فإن واشنطن لم تعاقب الحرس الثوري الايراني، كما تعهدت، فيما اكد مسؤولون ايرانيون كبار ان الاتفاق النووي سيبقى كما هو دون تعديل أو إلغاء.
ورغم ان اوروبا كلها مضافا اليها الصين وروسيا، ترفض نقض الاتفاق النووي تماما كما ترفض نقل السفارة الاميركية الى القدس، نرى اميركا تستنجد بفرنسا للوصول الى حل مع طهران حول الاتفاق النووي، لكن المسعى الفرنسي الممثل لاوروبا كلها اخفق في احداث اي تغيير يرضي الاميركيين بالنسبة للاتفاق الذي وعدوا اولا بتمزيقه ثم طرحوا فكرة التعديل التي قوبلت بذات النبرة الرافضة بشدة.
الاتفاق «المكمِّل» الذي يريده الاميركيون هو التصرف بأسلوب اكثر تشددا تجاه الاتفاق النووي والصواريخ البالستية واستقرار الشرق الاوسط. وهذا ما يعني ان سياسة الولايات المتحدة المعلنة تجاه ايران في يونيو الماضي، كانت مجرد حبر على ورق.
ولا يمنع الكلام المنمق، الاوروبيين من القول بصراحة إنهم يرفضون بصورة قاطعة تعديل الاتفاق النووي الضامن الاول لمصالحهم التجارية الحالية، خاصة انه ينظم تخفيض العقوبات المفروضة على ايران منذ عقود مقابل منعها من تحقيق برنامجها النووي، لذلك ليس مستغربا ان يطالب الاوروبيون بوسائل غير عدوانية لتهدئة المشروع الايراني. واللافت للنظر انه برغم التهديدات الاميركية لايران، فإن نفوذ طهران في سوريا والعراق تزايد في الآونة الاخيرة، كما تصاعدت المخاوف من مصادمات عسكرية بين القواعد الايرانية في سوريا والمواقع الاسرائيلية في الجولان المحتل.
واللافت ان الناطقين الرسميين الايرانيين يتحدثون اليوم عن خمس دول عربية «تميل» الى طهران، وعن «استحالة» تخلي ايران عن النفوذ والانجازات التي حققتها في المنطقة سياسيا وعسكريا، وجغرافيا ايضا.
وما من شك في ان سلوك واشنطن الهادئ وغير المتناغم مع الكلام الخشن الصادر عنها، هو الذي شجع طهران على المضي في برنامجها، خاصة أن الادارة الاميركية اكتفت بتوجيه إنذار الى ايران بعد اطلاقها البالستي الاخير، ودعوة واشنطن الوكالات الاميركية المعنية الى مراجعة ما يحدث مع ايران، والعمل الجاد في «تحالف مشترك لمواجهة التهديدات الايرانية»
وإذا كانت طهران قد اختارت بذكاء بعد كلام كهذا التخلي عن سياسة دق إسفين بين اميركا وأوروبا حماية للاتفاق النووي من التعديل الذي تريده واشنطن والذي قد يحرم طهران من مليارات اوروبا الاستثمارية فإن ثمة تقارير موثوقة عن توسع ايراني جديد في شرق سوريا، وعن تحركات عسكرية للأميركيين الذين لم ينجحوا في إبقاء الخط البري الذي يربط إيران بلبنان مغلقا إلا لفترة قصيرة.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
07/03/2018
2309