+ A
A -
(بمناسبة احتفال العالم باليوم العالمي للمرأة غـدا الخميس 8 / 3 / 2018)
تتمثل السعادة في حـياة المرأة في شعـورها بحـب من حـولها وخاصة شريك حـياتها، لأن العاطفة تعـني الكثير بالنسبة إليها، بل ربما تعـني كل شيء، ولذا فإن شعـور أية سيدة بالحـرمان العاطفي قـد يكون أشد خطورة من حـرمانها من «حقها الشرعي».
إن العلاقة الزوجية دون عـواطف ليس لها أي تأثير لدى المرأة، بينما الكلمة الـرقـيقة واللمسة الحانية ترضيها وتسعـدها أكثر، وإذا افـتقدت المرأة الحب والحنان فإنها قـد تقع فـريسة الحرمان والاكتئاب أيضا وقـد يمتد تأثير هـذا الحرمان ليصيبها بعـدد من الأمراض الجسدية، فإلي أي مدى تحتاج المرأة للعـواطف، وكيف يمكـنها التغـلب عـلى هـذا الحـرمان قـبل أن يتحول إلى مرض.؟
في كثير من الأمور تتغـلب عاطفة المرأة عـلى عـقلها، فهي تحكم عـلى كل شيء من منطلق ما تحب وما تكره، لأنها تختلف عـن الرجل من الناحية البيولوجية نتيجة لتأثرها بالهـرمونات سواء في حالة الزيادة أو النقصان طوال فـترة عـمرها، والعـقل لدى المرأة له دورة شهـرية تتحكم فـيها مراكـز مخـيّة تظل كامنة لديها منذ لحظة التكوين، ولكـنها تنطلق عـند بدء النشاط «الجسدي» في مرحلة المراهقة.
إن عـقل المرأة وعـواطفها يقعان تحت تأثير هـذه التغـيرات الجذرية مما يشكل في كثير من الأحيان ضغـوطا مختلفة تمهد أحيانا لظهور اضطرابات نفسية وانفعالية مثل الاكتئاب، ونجد أيضا أن العـوامل الاجتماعـية والأسرية لها تأثيرها إذ قـد تؤدي إلى تفاقم الأمور إذا ساءت أو قـد تحمي المرأة من التردي في المزيد من الاضطرابات العاطفية والنفسية إذا ما أحيطت بجو من الحب والتعاطف والدعم الاجتماعي والمادي والإنساني، فالمرأة تنشد من الرجل الحب والحماية ويسعـدها أن تجد منه التقدير والكلمة الطيبة، وبعـض الرجال يتصورون أن العلاقة الـزوجية هي فقط توفـير المأكل والمشرب ولا تعـنيهم بعـد ذلك إقامة علاقة حميمة مع زوجاتهم وقـد تشعـر المرأة في كثير من الأحيان أن الرجل يلجأ إليها لإرضاء حاجاته ولخدمة بيته وأولاده وليس كشريكة عـمره فهو يقضي ساعات لهوه خارج المنزل مع الآخرين ولا يخصص من وقـته القليل الذي يحادثها فـيه أو يشعـرها بآدميّتها، ومن هنا فإن الكثير من الزوجات يعانين في بيوتهن من هـذه المعاملة في صمت وألم، ولكن قـد يطفح الكيل وقـد تتمرد المرأة عـلى هـذه القيود لتبدأ المتاعـب.
كما أن المرأة تتعـرض إلى العـديد من العـوامل التي يمكن أن تؤثر في حياتها النفسية وتؤدي إلى المعاناة والضياع وأخطر هـذه العـوامل هو شعـورها بالحرمان العاطفي، فقد تتعامل المرأة المحرومة نفسياً وعاطفياً مع زوجها بنفس البرود وقـد تتوقـف عـن الإحساس به حتى في العلاقة الزوجية وقـد تضع كل همها في أولادها، وقـد تنحـرف وتنشد العاطفة عـند الآخرين، فالمرأة العاطفية لا تستطيع الصبر كثيراً عـلى البرود الزوجي، فـتصبح قـلعـتها الحصينة ضعـيفة فـتزداد الفجوة وتتسع بين الزوجين، وقـد يصل الأمر إلى حـد الفـراق والقطيعة، كما أن المرأة المحـرومة عاطفـياً قـد تكـره زوجها وقـد تصاب بكثير من الآلام الجسدية والنفسية.
إن أفضل وسيلة للعلاقة بين الجنسين أولاً وأخيراً هي توازن العلاقة بين الرجل والمرأة وأن يدرك كل منهما حدوده وواجباته تجاه الطرف الآخـر وأن الأسرة تحتاج إلى كليهما وأن لكل منهما دوره المهم فإذا اكتملت جهودهما معا نحو كل طرف ونحو الأبناء فإن هـذه الأسرة تعيش وتقوى أمام الأيام، فـنحن في حاجة لتصحيح الكثير من المفاهيم الضائعة والمغلوطة والآباء والأمهات يحتاجون إلى الكثير من المعلومات لتجنب الأخطاء منذ البداية، فأولادنا وأطفالنا في حاجة إلى أن نقدم لهم القدوة الحسنة السليمة حتى نجنبهم الكثير من المعاناة في مستقبل الأيام.
إن الحياة الزوجية في العـصر الحالي تتعـرض لكثير من الضغـوط والمتغـيرات التي ساعـدت عـلى وجود نوع من الجفاء بين الزوجين رغم أن الحرمان العاطفي يؤدي إلى حالة من الفـتور والجفاء للطرفـين، فحاجة الزوجة للعاطفة والحب مستمرة طالما بقي الزواج مستمراً بينهما، واستعادة الزوجين للحظات الحلوة بينهما قـد يشعل العـواطف ويجدد الحب بينهما ويجعلها في حالة حب دائمة، ولكنهما للأسف يتذكران دائما التاريخ السيئ المليء بالمشاكل والمشاحنات، فالحياة الزوجية لا بد وأن تنضج وتنمو وتستمر خصوصاً وأنها اليوم أصبحت لا تشغل بال الزوجين والدليل عـلى ذلك أن الرجل والمرأة خارج البيت أفـضل منهما داخله.

بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
07/03/2018
5187