+ A
A -
أجد انَّ انسحاب قناة العربية من هيئة تنظيم البث البريطانية «أوفكوم» بُشارة خير حقيقية، فالقناة الآن ممنوعة بشكلٍ رسمي من البث من المملكة المتحدة وجميع دول الاتحاد الأوروبي، وهذه خسارة مستحقة لهذه القناة التي فقدت حيزًا كبيرًا من المشاهدين الذين ينتمون لهذا الحيّز من البث الفضائي، فهدف الوصول إلى فضاء إعلامي نزيه يُراعي الحياد والدالة؛ مطلبُ صعب في زمنٍ انتشر فيه التدليس الإعلامي الكبير الذي لا يُراعي أخلاقيات المهنة ولا ضوابطها المنهجية في تقديم المضامين الصالحة الرصينة. هذا الانتصار طبعًا يعود للشكوى التي قدمتها وكالة الأنباء القطرية التي قامت مشكورة من خلال الاتصال بالجهات القانونية والقضائية حول العالم بتقديم شكاوى على عدد من الجهات الإعلامية التي قامت ببث تصريحات مفبركة نسبت إلى صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد حفظهُ الله ورعاه، وذلك عُقب تعرض موقع الوكالة للقرصنة في تلك الحادثة الدرامية المفبركة التي تلتها مباشرة حصار قطر في يونيو 2017م.
مما لاشكَّ أنَّ القانون القطري قادرٌ وبامتياز للذود عن البلاد ورموزها وكل الكيانات المتضررة فيها ومن ضمنها اختراق وكالة الأنباء القطريَّة واتهام وسائل الإعلام القطرية بدعمها للإرهاب والمطالبة بإغلاق شبكة قنوات الجزيرة الإخباريَّة وكل وسائل الإعلام التي تدعمها قطر وغيرها من الأضرار المختلفة؛ وذلك عن طريق الإجراءات القانونيَّة الصحيحة، فدولةُ قطر؛ دولةُ مؤسسات، تحترم المعاهدات والاتفاقيات الثنائيَّة والإقليميَّة، وإنَّ هذه الأزمة أثبتت للمجتمع الدولي بشكلٍ صريح مصداقيَّة الدولة والتزامها القانوني والأخلاقي الراسخ، ومواجهتها لكل المخاطر المتربصة بها بأعلى درجات المهنيَّة والسمو.
إنَّ التاريخ؛ مُعلِّم البشريَّة يُخبرنا أنَّ كُل الحروب على هذه المعمورة كان ومازال ينتصرُ فيها الإعلام الذي يلعب دور البطل الأكثر فاعلية في حسم نتيجة المعركة، خاصةً تلك الحروب الإعلاميَّة التي لعبت على معنويات الخصوم وحطّمت إرادته القتاليَّة وأضعفت من مواجهتِهِ وصمودِه، وهذا ما يقوم به بشكلٍ حرفي وذكي الإعلام القطري الذي يُعدُّ أحَدَ أهمِّ الثروات التي تتميزُ بها البلاد؛ وذلك من خلال حربه الإعلاميَّة الأخلاقية التي تتبع منهجية مدروسة تعتمد على أسس علمية صحيحة في تعاملها مع النفسية البشرية، فالكثير من الأصوات التي كانت ضد الدوحة منذ اندلاع الأزمة أصبحت تنادي إلى إخماد فتيل هذه الأزمة المفتعلة وتُشيد في الوقت نفسه بموقف الدبلوماسية القطرية الحكيمة والإعلام القطري النزيه الذي لم ينجرَّ إلى رذائل الجريمة والإرهاب الإلكتروني أو حتى قابل الدقَّةَ بالدقَّة في مسألة اختراق منصات التواصل الاجتماعي لأصوات قطر الوفيّة الحرة، وإنَّي أؤمن أنَّ دور الإعلام والإعلاميين في قطر عليه أن يكون مسهمًا في عملية الإصلاح، معززًا للوحدة الوطنيَّة، وذلك من خلال نشرهم لثقافة التعاون الإيجابي بين مختلف الفئات وتعزيز القوة الذاتيَّة التي تتمتع بها الجموع من أجل تجاوز هذه الأزمة بفضل الله تعالى في أقرب الآجال.
إنَّ دولة قطر ماضيةٌ دون تراجع في منحها الحق في الوصول إلى المعلومة والحق في حريَّة التعبير، وذلك من خلال ثورتها الإعلاميَّة التي أحدثتها والتي تحولت إلى واحدة من أقوى ثروات البلاد، فحكومتنا تؤمن بعميق دور الآلة الإعلاميَّة في بناء قطر كأداةٍ فاعلةٍ تنموية ومنظومةٍ عصريَّةٍ متكاملة وذلك من خلال ارتباطها بقُوى الدولة الشاملة والتي تحققُ بشكلٍ غير مباشر؛ الأمن الوطني المطلوب من خلال إسهامها في بناء المواطن الصالح وتحصينها لهُ ضدَّ أي غزو فكري وإعلامي معادي وتنميتها للوعي السياسي لدى الشعب واستيعابهم لما يجري بكل شفافيَّة في الداخل والخارج وإشراكهم في عملية صُنع القرار.

بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
09/03/2018
2622