+ A
A -
بالرغم من نتائجها ذات المسحة الانقلابية، في العمق: لا مفاجآت في الانتخابات التشريعية الأخيرة بإيطاليا. حيث الأصوات وزعت بعناية بين نزعتين طاغيتين في السماء المكفهرة للعالم وداخل كل أوروبا: القوميون والشعبويون. في الشمال اتخذ التصويت طابعا قوميا، وفي الجنوب كان له منحى شعبويا واضحا.
وفي التحليل فإن الخلاصات هي نفسها التي كرستها الاقتراعات في كل بلدان أوروبا خلال الثلاث سنوات الأخيرة: تراجع القوة الاشتراكية الديمقراطية، انفجار الخريطة الحزبية المبنية على تناوب اليمين واليسار منذ عقود، تصاعد المد اليميني المتطرف، ارتفاع التوجهات القومية والهوياتية.
هكذا ذهب الناخبون الايطاليون إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد الماضي، ليجابهوا نفس الأعداء الجدد: الوحدة الأوروبية، «النخب التقليدية»، «المؤسسة المركزية والعميقة للدولة».
التقاطب حول مواضيع: الدولة الاجتماعية، التقدم الاقتصادي، النظام الضريبي، تركت المجال فسيحا أمام مواضيع الهجرة، الأمن، الإسلام. لذلك تكررت كثيرا في أسابيع الحملة الانتخابية شعارات من قبيل: «الإيطاليون أولا»، «لنقاوم الاجتياح»..
وفقا للنتائج الجزئية بعد فرز الأصوات في نظام انتخابي معقد، حصل التحالف المؤلف من حزب الرابطة بزعامة ماتيو سالفيني (يمين متطرف بماض انفصالي) وحزب فورزا إيطاليا لصاحبه «الشيخ» برلسكوني وحزب فراتيلي ديتاليا (أشقاء إيطاليا) الصغير، على أكثر من ثلث الأصوات المعبر عنها.
أما الحركة الشعبوية «خمس نجوم»، التي أسسها الكوميدي بيبي غريلو في 2009، فقد استمرت في صناعة المفاجأة، على غرار ما فعلته سنة 2013، مرسخة وضعها كحركة غير قابلة للالتفاف في الساحة السياسية الجديدة.
أكبر الخاسرين هو الحزب الديمقراطي الحاكم (يسار الوسط) الذي لم تشفع له لدى الناخبين حصيلته الاقتصادية، مما جعل زعيمه رئيس وزراء إيطاليا السابق «ماتيو رينزي»، يقدم استقالته من منصب رئاسة الحزب.
أمام إيطاليا، إذن خريطة حزبية مشتتة، وهو ما يعني مرحلة طويلة في الغالب من المفاوضات والمساومات، لن تفرز في النهاية سوى تحالف حكومي هش، سيصعب عليها الاتفاق حول ما الذي ينبغي فعله بهذا التصويت الاحتجاجي الذي يعرف جيدا «أعدائه»، لكنه لا يعرف ماذا يريد خارج الشعارات الغاضبة والمخيفة.
بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
09/03/2018
1976