+ A
A -
تقولُ العربُ في أمثالها: المصائب لا تأتي فُرادى!
ولكن على ما يبدو لا شيء في هذه الحياة يأتي فردًا! فالبارحة كان يوم الأخبار التي تندرج تحت باب النذالة، فقد قرأتُ فيه ثلاث معلومات تفوح منها رائحة النذالة، أو أن هذا ما شممته أنا، فلا أحبُّ أن أملي انطباعاتي على أحد! هذه كانت عناوين النشرة، وإليكم الآن التفاصيل!
المعلومة الأولى:
تتعمد شركة آبل إبطاء أجهزتها القديمة عن طريق التحديثات التي تنشرها، لتشعرك أن جهازك أصبح قديمًا، وأنه قد آن الأوان لشراء جهاز جديد!
لطالما آمنتُ أن الاقتصاد قلّما يلتقي مع الأخلاق، وها هي آبل تأتي لتُرسخ إيماني هذا! فمحاولة الشركة إبطاء جوالك لإجبارك على شراء واحد جديد سيعملون لاحقًا لإبطائه هو الآخر بعد إصدار هواتفهم الجديدة هو عمل لا أخلاقي، العمل الأخلاقي يقتضي أن تبقى تصدر الشركة تحديثات تتيح لهذا الجوال العمل بكفاءة أطول مدة ممكنة، ولكن لو فعلت هذا فإن كثيرين سيشعرون بالرضى عن جوالاتهم ولن يشتروا الجوالات الجديدة، الأمر برأيي لا يختلف عن أن يقوم صاحب محل الجوالات بأخذ جوالك ورميه بالأرض ثم يقول لك تعال أبيعك واحدًا أفضل منه، ولكن لأن آبل لا تستطيع إتلاف «الهارد وير» فإنها تتعمد إتلاف «السوفت وير» وما الجوال إلا بـِ«السوفت وير» تمامًا كما أن:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبقَ إلا صورة اللحم والدم
كما قال زهير بن أبي سلمى يوم كان الناس يتواصلون بالحمام الزاجل!
المعلومة الثانية:
الكراسي في مطاعم الوجبات السريعة مصممة بطريقة غير مريحة بشكل متعمد كي تتناول طعامك وتغادر بسرعة!
كان بإمكانهم أن يصمموا كراسي مريحة، وكنت وقتها ستجلس سعيدًا تتناول طعامك، وتتفقد جوالك أو تتحدث أنتَ والذين معك، ولكنهم في هذه الحالة سيضطرون أن يقولوا لك لقد أنهيتَ طعامك فغادر مفسحًا المجال لغيرك، ورفعًا لهذا الإحراج صمموا هذه الكراسي التي تسبب لك الديسك إذا جلست عليها لأكثر من عشر دقائق!
حماية عمودك الفقري لا تدخل ضمن اهتمامهم، ادفعْ وكُلْ وغادرْ، هذه هي المعادلة التي تهمهم!
المعلومة الثالثة:
في جنوب إفريقيا هناك شرطي اسمه «أندريه ستاندر» يعمل في قسم جرائم السرقة، كان يسرق البيوت والمحلات، ثم يعود إلى قسم الشرطة، ويصدر مذكرة تكليف لنفسه بالتحقيق في هذه الجرائم، ويأتي ويحقق بها، ويسجلها ضدّ مجهول لعدم كفاية الأدلة لملاحقة الجاني!
حاميها حراميها كما تقول جدتي!
وفيك الخصام وأنت الخصم والحكم كما يقول المتنبي!
ولمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة كما لا أعرف من الذي قال هذا!
على أية حال كانت هذه حصيلة يوم واحد من القراءة، أحيانًا من المتعة أن لا تعرف ما الذي يدور في هذا العالم، مرهق أن تشتري هاتفًا جديدًا وأنتَ تفكر أنهم سيتلفونه لك لاحقًا، أو تجلس على كرسيٍّ في مطعم تسمعها تقول لك اغربْ عني، أو يأتي شرطي إلى بيتك وتشك أنه السارق! ولكن على أية حال لا شيء يضاهي متعة أن لا تعرف سوى أن تعرف! ولا تكونوا كالمدخن الذي قرأ عن مضار التدخين فقرر أن يقلع عن القراءة!

بقلم: أدهم الشرقاوي
copy short url   نسخ
13/03/2018
4088