+ A
A -
حسب إحصائيات منظمة اليونسكو العالمية، فإن حصة المواطن العربي من القراءة أقل من ربع صفحة سنويا، كانت هذه الإحصائية قبل 2011، لكم أن تتخيلوا الوضع حاليا، مع ما يحدث في عالمنا العربي من مآس وكوارث جعلت ملايين الأطفال ممنوعين من حقهم في التعليم، ما يعني أن جيلا عربيا كاملا أكثر من نصفه لا يعرف القراءة والكتابة إلا بالنزر اليسير، بحيث تبدو مسألة قراءة الكتب الفكرية والأدبية والترفيهية والعلمية هي مجرد ترف لا معنى له، ولا يجوز الحديث عنه أصلا في ظل الكوارث الأخرى الحاصلة.
ولكن هل كان الوضع أفضل حالا قبل 2011؟!، حسب إحصائية اليونسكو السابقة فإن حال القراءة في بلادنا كان يجب أن ينذر بالكوارث الحالية، فما حدث خلال السنوات السبع الماضية يشي بالجهل الذي كنا نعيش فيه، نحن سكان البلاد التي اكتشفت فيها الأبجدية، والتي قدمت للعالم أرقى الحضارات التي أسست للحضارة العلمية والإنسانية التي نراها اليوم في البلدان المتقدمة، إذ ثمة جزء مما يحدث تعود أسبابه إلى الجهل والتخلف، فالتطرف والانغلاق والانخراط في تنظيمات سلفية والانضواء تحت حمايتها وسلطتها، ليس سببه الخذلان والخوف فقط، بل سببه مسح العقل واعتبار التفكير نوعا من الهرطقة والكفر يجب تجنبه قدر الإمكان، وليس خافيا على أحد دور هذه التنظيمات في مساعدة أنظمة الاستبداد والخراب في القضاء على ثورات التغيير، وتعميم الفكر العدمي بحيث يصبح الموت غاية بحد ذاته، فالحياة ليست إلا متاع، وهو تماما ما أرادته أنظمة الخراب، تعميم حالة اليأس وفقدان الأمل من أي مستقبل قريب أو بعيد، بحيث تصبح هي الحالة السائدة، ويصبح معها حلم التغيير الحقيقي والجذري نحو المستقبل المتقدم حلم نخبوي، لا تفكر به عموم الشعوب التي أريد لها أن تجتر ماضيها وتنغلق أكثر عليه، والتغيير لا تستطيع النخب وحدها إنجازه، التغيير الشامل يحتاج إلى شعوب مؤمنة به وساعية إليه.
هل تتحمل الشعوب العربية مسؤولية ما وصلت إليه من جهل وتخلف، من البديهي أن لا، فقد عملت أنظمة الاستبداد العسكرية الأمنية التي استحكمت بسلطاتها على بلادنا، على إبقاء شعوب هذه البلاد ترزح تحت وطأة الجهل والتخلف والفقر واللهث وراء لقمة العيش، منعت عنها التنمية الحقيقية والتعليم المحترم، جعلت من الثقافة العامة سقط مناع وعملت على تشويه صورة المثقف عبر منابرها، وشكلت طبقة من المتعلمين والمثقفين محيطة ومرتبطة بها، وأقصت كل المختلفين أو الخارجين عن الخطوط التي وضعتها، وبالتالي، كانت حريصة على أن يصبح فعل القراءة خاص بالنخب، لم تكن المشكلة في طباعة الكتب أو إصدارها، بل في عملية تنشئة الأجيال المتلاحقة وتدريبها على فعل القراءة بوصفها حاجة أساسية.
بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
27/03/2018
2239