+ A
A -
أمَّا البداية فمن طين.. وأما النهاية فإلى طين.. وما بين الطينين نحن بشر.. تختلف أفكارنا، تتنافر آراؤنا، تتعدد معتقداتنا، تتفاوت ثقافاتنا، وكل هذه أمور مكتسبة لو لاحظتم، أما نحن من الداخل فسواء «فطرة الله التي فطر عليها الناس»!
إحدى معتقدات الناس الظالمة، أنهم ينتظرون من أناس آخرين أن يكونوا ملائكة لمجرد أنهم وصلوا إلى شيء مرموق مكتسب، يستغربون أن يغضب إمام المسجد، وتحب المُتدينة، ويجمع المال الوزير، ويكره الملك، ويحب الأولادَ العالِمُ، ويخاف البروفيسور، ويتذمر الفيلسوف، ويشكو الثري!
لا الدين، ولا العلم، ولا المال، ولا المنصب يجعلون من الإنسان ملاكًا، ولو كان بإمكان فئة من الناس أن يكونوا ملائكة لكان الأنبياء، ولكن سنة الله في الناس أن يبقوا ناسًا يحبون ويبغضون، يوم ماتت خديجة رضي الله عنها بكاها النبي صلى الله عليه وسلم بكاءً مرًا، من قال إنها منقصة أن يبكي نبي زوجته، وعندما مات إبراهيم الصغير بكاه النبي أيضًا، من قال إنها منقصة أن يبكي النبي ابنه، وعندما رُجم في الطائف عاد هائمًا على وجهه بأبي هو وأمي، يسير حيث تأخذه قدماه، ويقول عن هذا الخذلان الذي لاقاه، وهذا الهم الذي أصابه: لم أستفق إلا وأنا في قرن الثعالب! فلماذا نريد من الآخرين ألا يصيبهم الغم، وألا يتكدروا، وألا يمشوا أحياناً في الطريق وهم لا يعرفون إلى أين؟
كان يوم الزينة عندما جمع فرعون السحرة لنزال موسى عليه السلام، وعندما ألقوا حبالهم وعصيهم، «أوجس في نفسه خيفة موسى»، ثم ثبته الله لأنه لا يترك رسله، فلماذا نريد من الناس ألا يخافوا وهذا كليم الله قد دخل إليه الخوف لحظة!
وعندما ذهب عليه السلام لميقات ربه، رجع بعدها إلى قومه فوجدهم يعبدون عجل السامري! غضب غضبًا شديدًا، وألقى الألواح التي فيها التوراة، ثم لما هدأ «فلما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح»، فلماذا تريد المرأة زوجًا لا يغضب، ويريد الرجل زوجة لا تغضب، ويريد الموظف مديرًا من ثلج، ويريد المدير موظفًا أحلم من الأحنف بن قيس، يا أيها الناس نحن نهاية المطاف ناس!
صدر أمر السماء بصنع السفينة في الصحراء، امتثل نوح عليه السلام، دون أن يسأل نفسه ولو مرة ماذا تفعل سفينة في الصحراء، ولما فارَ التنور، وصبت السماء الماء صبًا، وانشقت الأرض بالماء شقًا، نادى نوح ابنه فأبى، ولما غرق الولد تحركت غريزة الأبوة عند شيخ دعاة أهل الأرض «إن ابني من أهلي»! رغم أن المسألة عقيدة، صراع كفرة وإيمان حيث لا مواربة ولا منطقة وسطى ولا حياد، ولكن الأب أب! فلماذا نريد من الناس أن يكونوا ملائكة، يا أيها الناس نحن نهاية المطاف ناس!
شذّ قوم لوط شذوذًا لم يسبقهم إليه أحد من العالمين، أصدر الجبار أمره إلى رؤساء الملائكة، إسرافيل وميكائيل وجبريل هم الذين سينفذون الحكم، وفي الطريق إلى سدوم مروا بإبراهيم عليه السلام في هيئة بشر، إبراهيم الكريم يأتي بعجل حنيذ إلى ضيوفه ويقربه إليهم، ولكنهم لا يأكلون، عندها خاف عليه السلام، وقد يتعجب ساذج، خليل الله يخاف؟! أجل يخاف أليس إنسانًا، ولكنه لما علم من هم هؤلاء الثلاثة، ذهب خوفه وأنس «فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط»! فلماذا نريد من الناس أن يكونوا ملائكة، يا أيها الناس نحن نهاية المطاف ناس!
أدهم الشرقاوي بقلم:
إحدى معتقدات الناس الظالمة، أنهم ينتظرون من أناس آخرين أن يكونوا ملائكة لمجرد أنهم وصلوا إلى شيء مرموق مكتسب، يستغربون أن يغضب إمام المسجد، وتحب المُتدينة، ويجمع المال الوزير، ويكره الملك، ويحب الأولادَ العالِمُ، ويخاف البروفيسور، ويتذمر الفيلسوف، ويشكو الثري!
لا الدين، ولا العلم، ولا المال، ولا المنصب يجعلون من الإنسان ملاكًا، ولو كان بإمكان فئة من الناس أن يكونوا ملائكة لكان الأنبياء، ولكن سنة الله في الناس أن يبقوا ناسًا يحبون ويبغضون، يوم ماتت خديجة رضي الله عنها بكاها النبي صلى الله عليه وسلم بكاءً مرًا، من قال إنها منقصة أن يبكي نبي زوجته، وعندما مات إبراهيم الصغير بكاه النبي أيضًا، من قال إنها منقصة أن يبكي النبي ابنه، وعندما رُجم في الطائف عاد هائمًا على وجهه بأبي هو وأمي، يسير حيث تأخذه قدماه، ويقول عن هذا الخذلان الذي لاقاه، وهذا الهم الذي أصابه: لم أستفق إلا وأنا في قرن الثعالب! فلماذا نريد من الآخرين ألا يصيبهم الغم، وألا يتكدروا، وألا يمشوا أحياناً في الطريق وهم لا يعرفون إلى أين؟
كان يوم الزينة عندما جمع فرعون السحرة لنزال موسى عليه السلام، وعندما ألقوا حبالهم وعصيهم، «أوجس في نفسه خيفة موسى»، ثم ثبته الله لأنه لا يترك رسله، فلماذا نريد من الناس ألا يخافوا وهذا كليم الله قد دخل إليه الخوف لحظة!
وعندما ذهب عليه السلام لميقات ربه، رجع بعدها إلى قومه فوجدهم يعبدون عجل السامري! غضب غضبًا شديدًا، وألقى الألواح التي فيها التوراة، ثم لما هدأ «فلما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح»، فلماذا تريد المرأة زوجًا لا يغضب، ويريد الرجل زوجة لا تغضب، ويريد الموظف مديرًا من ثلج، ويريد المدير موظفًا أحلم من الأحنف بن قيس، يا أيها الناس نحن نهاية المطاف ناس!
صدر أمر السماء بصنع السفينة في الصحراء، امتثل نوح عليه السلام، دون أن يسأل نفسه ولو مرة ماذا تفعل سفينة في الصحراء، ولما فارَ التنور، وصبت السماء الماء صبًا، وانشقت الأرض بالماء شقًا، نادى نوح ابنه فأبى، ولما غرق الولد تحركت غريزة الأبوة عند شيخ دعاة أهل الأرض «إن ابني من أهلي»! رغم أن المسألة عقيدة، صراع كفرة وإيمان حيث لا مواربة ولا منطقة وسطى ولا حياد، ولكن الأب أب! فلماذا نريد من الناس أن يكونوا ملائكة، يا أيها الناس نحن نهاية المطاف ناس!
شذّ قوم لوط شذوذًا لم يسبقهم إليه أحد من العالمين، أصدر الجبار أمره إلى رؤساء الملائكة، إسرافيل وميكائيل وجبريل هم الذين سينفذون الحكم، وفي الطريق إلى سدوم مروا بإبراهيم عليه السلام في هيئة بشر، إبراهيم الكريم يأتي بعجل حنيذ إلى ضيوفه ويقربه إليهم، ولكنهم لا يأكلون، عندها خاف عليه السلام، وقد يتعجب ساذج، خليل الله يخاف؟! أجل يخاف أليس إنسانًا، ولكنه لما علم من هم هؤلاء الثلاثة، ذهب خوفه وأنس «فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط»! فلماذا نريد من الناس أن يكونوا ملائكة، يا أيها الناس نحن نهاية المطاف ناس!
أدهم الشرقاوي بقلم: