+ A
A -
هم (لا أحد)، لا أسماء لهم ولا شخصيات ولا حيثيات، مجرد أرقام عابرة على الشريط الإخباري في القنوات الفضائية، وفي أخبار صفحات الشبكة العنكبوتية، هم (لا أحد)، يحاصرون ويقصفون ويقتلون ويموتون دون أن يهتم أحد من العالم بما يحدث لهم، من سيهتم أصلا بـ (اللا أحد)؟ ( اللا أحد) لا يراهم الآخرون، ولا يشعرون بهم، ولا يسمعون صراخ قهرهم، ولا يشمون رائحة دمائهم، ولا يهتمون بمصيرهم، ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم لا يعني أحدا، فهم (اللا أحد) النقيض (للأحد)، فـ(للأحد) شخصيات معروفة ولهم أسماء وحيثيات، لذلك ستقوم قيامة العالم إن تم خدشهم، دمهم أزرق ورائحته فواحة، وصوتهم تسمعه حتى السماء، لأجلهم تحشد الجيوش وتتدفق الأموال، لأجلهم يتفرغ الإعلام العالمي للتذكير الدائم بما حدث ويحدث معهم، لأجلهم قد تحدث انقلابات، وقد تقطع العلاقات بين الدول، هم (الأحد) المدللون من الجميع، الذين يحرص الجميع على بقائهم سالمين.
و(الأحد) قد يسكنون في البلاد المتقدمة، مواطنو تلك البلاد، مواطنون بكل معنى الكلمة، لهم حقوق كاملة، وعليهم واجبات يؤدونها بكل رغبتهم، هم يدركون أنهم ليسوا أرقاما لدى أحد، وأن الجرائم ضدهم ستقلب العالم، وقد يكونون أيضا سكان العواصم، ينتمون إلى الطبقات الغنية في البلاد البائسة، هؤلاء أيضا مدللون من الجميع، موتهم فارقة، والجرائم ضدهم فارقة.
يقول الخبر: «قصفت مروحيات تابعة للأسد مدينة دوما بصواريخ محملة بغازات كيميائية، رجح اطار ومسعفون نتيجة الأعراض التي ظهرت على المصابين أن يكون الغاز المستخدم هو غاز السارين وقد وصل عدد الشهداء حتى الآن إلى 100 شهيد معظمهم نساء وأطفال، وهذا الرقم غير نهائي، هناك أماكن تم استهدافها لم تتمكن فرق الاسعاف والدفاع المدني من الوصول غليها بسبب كثافة القصف! من المفيد أن نضيف للخبر أن القصف تزامن مع عيد الفصح لدى بعض الطوائف المسيحية، في مفارقة مذهلة لا تحدث إلا مع (اللا أحد)، الذين هم سوريو البؤس والموت الآن، السوريون الذين كل ما أرادوه ذات يوم أن يصبحوا (أحدا)، لديهم أسماء وشخصيات وذوات، أن يصبحوا مواطنين في أوطانهم، لديهم حقوق ولديهم واجبات، لكن لأنهم المهمشون أصلا، لم يسمح لهم حتى أن يحلموا بأن يكونوا ( أحدا)، حوصرت أحلامهم وجوعت وانتهكت واغتصبت وخنقت بغاز السارين، ولم يكترث لهم أحد من (الأحد)! سبع سنوات كاملة من الحصار، أنجبوا ابناء تحت الحصار، وأبناؤهم، كأحلامهم، كبروا قليلا وتعلموا تحت الحصار الخوف مثلما تعلموا الحلم، وها هم يغلقون عيونهم على أحلامهم وهم مختنقون وراحلون إلى مكان ما وهم يحملون معهم تهمة الإرهاب.
هل عرفتم من هم (اللا أحد)؟! هم الذين يحلمون ويعاقبون على أحلامهم، ويقتلون بكل أنواع القتل، وتطلق أيدي طغاة الأرض للفتك بهم،






محسن عقيلان .. مسيرة العودة .. إبداع يحتاج لدعم
انطلقت مسيرة العودة يوم 30 من مارس مخلفة وراءها زوبعة من التساؤلات عن براءة توقيتها ومسبباتها وعمق أهدافها والرسائل المراد إيصالها ومدى جهوزية الأطراف للسيناريوهات المحتملة.
الواقع يقول إن مسيرة العودة انطلقت في توقيت سليم، لكن ذلك لم يعجب الإسرائيليين لأنه يتزامن مع الأعياد اليهودية والتحضيرات للاحتفال بقيام الدولة ونقل السفارة الأميركية للقدس، لذلك تتعامل الحكومة الإسرائيلية مع الحدث بأنه متعمد لتخريب وإفساد تحضيراتهم.
لا يخفى أن مسيرة العودة أتت في وقت مهم وحاسم بسبب التجاذبات الموجودة بين السلطة الوطنية وحركة حماس، فأتت لإعادة البوصلة وتصحيحها باتجاه العدو المشترك.
أما الفلسطينيون فيعتبرونه متزامنًا مع عدة مناسبات وطنية مثل يوم الأرض (30 من مارس) ويوم الأسير (17 من أبريل) ويوم النكبة (15 من مايو)، أما الأسباب الدافعة لمسيرات العودة فهي الشعور العام بالإحباط سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي أو الفصائلي من إعلان ترامب القدس عاصمة لـ«إسرائيل» وتحديد موعد لنقل السفارة الأميركية إليها.
ولا يخفى أن مسيرة العودة أتت في وقت مهم وحاسم بسبب التجاذبات الموجودة بين السلطة الوطنية وحركة حماس، فأتت لإعادة البوصلة وتصحيحها باتجاه العدو المشترك؛ مما أدى لرفع المعنويات وزيادة زخم المشاركة الشعبية، والآن سنذكر بعض الأهداف والغايات المرجوة بالحد الأدنى منها وهي:
1-تكريس مفهوم حق العودة.
2-رفع معنويات الشعب والبُعد عن التجاذبات الفصائلية.
3-الوقت الطويل المحدد لمسيرات العودة يتيح لجميع شرائح الشعب المشاركة ويكسر الحاجز النفسي عند البعض بعدم المشاركة.
ولا تقف مسيرة العودة عند الأهداف لأن في جعبتها رسائل تريد إيصالها:
أولاً: للرأي العام الدولي أن قضيتنا عادلة ووسائلنا سلمية لاسترجاع حق واضح أقرته قرارات الأمم المتحدة.
ثانيًا: للاحتلال بأنه رغم الإجراءات التعسفية وقساوة القمع، هناك شعب مؤمن بقضيته ولا ينسى حقه.
ثالثًا: للإدارة الأميركية وترامب أن صفقة القرن المزعومة لن تمر طالما هناك شعب وقيادة متمسكون بثوابتهم.
والآن بعد انقضاء الجولة الأولى من مسيرة العودة، هل هناك أي إنجازات مقابل تلك الدماء الطاهرة التي روت أرض الوطن؟ من السابق لأوانه الحديث عن إنجازات إلا أن هناك صحوة دولية والدليل على ذلك مطالبات كثير من الدول الأوروبية بفتح تحقيق في مجازر وتجاوزات جيش الاحتلال الإسرائيلي في استخدام القوة المفرطة ضد شعب أعزل وصدور تصريحات من بعض الدول الأوروبية بحق الفلسطينيين في التظاهر.
لكن لو قفزنا داخل العقلية الإسرائيلية وقرأنا الأساليب التي ستنتهجها لتخريب مسيرة العودة أعتقد من خلال معايشتنا للاحتلال أنها ستكون على الشكل التالي:
1-الزيادة في القتل والقمع لإرهاب الجماهير المحتشدة.
2-محاولة التصعيد وزيادة سخونة المناطق الحدودية لتحويلها لاشتباكات مسلحة.

بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
10/04/2018
2302