+ A
A -
دخلتْ امرأةٌ على طبيبتها وهي تحملُ بين ذراعيها طفلها البالغ من العمر تسعة أشهر، وجلستْ بسرعةٍ على الكرسي قبالتها، وبادرت قائلة حتى قبل أن تسألها الطبيبة ما بك: أنا حامل وأريد منكِ أن تساعديني!
- وكيف أساعدكِ؟
أريدُ منك أن تجهضي هذا الجنين الذي في بطني، فلا أريد أطفالاً متتابعين!
- لديَّ حل أفضل لمشكلتك، وأقل خطورة عليك أيضًا..
وما الحل؟
- بما أنكِ لستِ راغبة في تربية طفلين معًا، أقترح أن تقتلي الطفل الذي تحملينه في يدك لا الذي تحملينه في بطنك، وهكذا يمكنك أخذ فترة راحة ريثما يولد ابنكِ الجديد، وبما أنكِ راغبة في قتل أحدهما، فلا يهم أيهما يكون، وبهذا لن يكون هناك أي خطر على صحتك، ولا أية مضاعفات على جسمك..
ولكن هذه جريمة قتل أيتها الطبيبة، وهذا طفل خلقه الله!
- بالتأكيد هي جريمة قتل، ولكن من أخبركِ أن إجهاض الطفل الذي في بطنك ليس جريمة قتل أيضًا، هو الآخر قد خلقه الله!
بداية تنظيم النسل في الأسرة هو أمر تركه الإسلام للزوجين، وإن كان قد شجع على النسل فلم ينكر على أحد أراد أن يترك بين ولد وآخر فترة من الزمن، ومن أقوال الصحابة في هذا المضمار كنا نعزل والقرآن ينزل! بمعنى لو أراد الله أن ينهانا لفعل ولما لم يفعل سبحانه فقد أذن! أما الإجهاض فإن كان حفاظًا على حياة الأم فواجب بلا خلاف بغض النظر عن عمر الجنين، أما الإجهاض لسبب آخر فالفقهاء على قولين، الأول يجوز الإجهاض قبل نفخ الروح في الجنين، والثاني حرمه مطلقًّا، وهذا ما أدين الله به، فالأشياء موجودة إما بالقوة أو الفعل كما يقول الفلاسفة، بمعنى الموجود بالقوة هو ما لديه القدرة على أن يكون موجودًا بالفعل، البذرة هي نبتة بالقوة لأن فيها القدرة على أن تكون نبتة، فإن كانت نبتة انتقلت من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، والبنت الصغيرة هي امرأة بالقوة، لأن لديها مقومات أن تصبح امرأة في المستقبل، فإذا صارت كذلك كانت امرأة بالفعل، وعليه قِس ما تبقى، كالبيضة هي طائر بالقوة ما يلبث أن يصير كذلك بالفعل، والزهرة في شجرة التفاح هي تفاحة بالقوة فإذا صارت كذلك كانت تفاحة بالفعل!
الجنين في بطن أمه هو إنسان بالقوة وقتله برأيي لا يختلف كثيرًا عن قتل إنسان موجود بالفعل، لو أن طائرًا وضع بيضه في عشه وجئت وكسرت هذه البيوض، فأنتَ في الحقيقة لم تكسر بيضة وإنما قتلت عصفورًا، ولو أنك دخلت إلى أرض مزارع وعمدت إلى شجرته المزهرة فأسقطت زهرها، أنتَ لم تسقط زهرًا بقدر ما أتلفتَ ثمرًا!
هذا في المطلق والمحاججة والقياس بقي أن الإجهاض بغير خطر على حياة الأم فيه وهن في العقيدة، وسوء أدب مع الله! من حق الأم أن تأخذ فترة راحة بين ولد وآخر ولكن ليس من حقها إذا وقع الحمل أن تقتل جنينها لأنها تريد أن تستريح، أو أن لا تتلف جسمها! والأمر أكثر مرارة وأوهن عقيدة إذا ما تم الإجهاض بسبب الخوف من قلة الرزق، فتسمعهم يبررون: كيف نطعمهم جميعًا، وكيف نعلمهم جميعًا وكيف نعالجهم جميعًا، هذه التساؤلات قد تكون محقة قبل حدوث الحمل، أما وقد وقع ففيها سوء أدب مع الله! الأب الذي يرزق نفسه فليسقط ابنه، والأم التي ترزق نفسها فلتجهض جنينها، أما العبد الذي يتحلى بالأدب مع الله ويعرف أن رزقه ورزق أولاده فقط من الله، لا ينقصه إنسان ولا يزيده آخر، فليحمد الله فإن في العالم أشخاصًا حرموا الأولاد، ويتذكر أنه عبد لا يخلق ولا يرزق، ولسنا إلا أسبابًا واقعة في قدر الله، فلنتأدب.
وتحية لكل طبيب رفض أن يشارك في جريمة قتل!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
10/04/2018
3983