+ A
A -
قرأتُ البارحة خبراً طريفاً عن مجموعة من الأصدقاء الذين كانت تربطهم صداقة متينة، وكان أحد أعضاء هذه الشلة يُدعى «كايرن كايبل» تعرّف على فتاة جميلة ووقع في غرامها، فانشغل بها عن أصدقائه، وقد حاولوا الاتصال به طوال ثمانية عشر شهراً، إلا أنه لا يرد على اتصالاتهم ولا رسائلهم، رغم أن حسابه في الفيسبوك نشط وفعال ينشرُ فيه صوره مع حبيبته، وعندما ضاقوا به ذرعاً اشتروا تابوتاً وكتبوا عليه اسم صديقهم العاق وأقاموا له جنازة رمزية الرسالة من ورائها: ليكن ما تريد أنتَ الآن ميتٌ بالنسبة إلينا!
وكنتُ أحسبُ أنّ هذا الأمر لا يحصل إلا عندنا، ولكن يبدو أن البشر في هذا سواء! شخصياً عرفتُ أشخاصاً، وسمعتُ عن آخرين هم نسخة عربية عن «كايرن كايبل» ما أن يرتبط أحدهم بشريك العمر حتى يطوي صفحة أصدقائه وكأنه كان يمضي الوقت معهم ريثما يرتبط!
وإن كان هذا الأمر يحصل عند الشباب فهو عند الفتيات على نطاق أوسع! وربما هذا مرده برأيي أن المرأة جزء من حياة الرجل في حين أن الرجل حياة المرأة كلها! ولكن قد لا تبدو هذه الحقيقة ماثلة للعيان بسبب أن الرجل يبالغ في إظهار حبه، ويصنع من الحبة قبة، ومن قطرة الماء محيطاً، وغالباً لا يطيق متى ينهي مكالمة الشوق ليعود إلى متابعة مباراة كرة القدم، في حين أن المرأة بطبيعتها متمنعة، وقد تهيم حدَّ المحيط ولا يبدو منها إلا قطرة! والشباب الذين تركوا أصدقاءهم بعد ارتباطهم هم أقل من الفتيات اللواتي تركن صديقاتهن بعد الارتباط!
طبعاً أتفهم أن الارتباط مرحلة جديدة في حياة الإنسان تفرض عليه التزامات ومهام، لم تكن من قبل، وبالتالي من الطبيعي أن تشهد علاقاته بالآخرين تغييراً، فليس من الطبيعي أن يصرف الشاب وقته في الزواج، كما كان يصرفه في العزوبية، والأمر سيان في حالة الفتيات، هذا إن لم يكن التغير بصورة أكبر!
ولكن ما لا أتفهمه لماذا على الإنسان أن يتنكر لكل ماضيه بما فيه من أصدقاء ومعارف، فقط لأنه ارتبط، وما المانع أن نتزوج ونُبقي على صداقاتنا مع الآخرين، وننظمها بما يتوافق مع ظروفنا الجديدة، وفق استراتيجية جدتي في الاعتدال «لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم»!
من حق أصدقائنا علينا أن نتفهم ظروفهم الحياتية الجديدة، وأنهم بعد الارتباط لن يكونوا متاحين كما من قبل، ولكن بالمقابل ليس من المنطقي أن نبقى نركض وراء إنسان يركض منا، تدق عليه الباب فيهرب من الشباك، وتقصده من طريق فيفر منك إلى طريق آخر، كأنك مصاب بالجرب أو كأن معرفتك شبهة! مثل هؤلاء علينا أن نشيعهم ولا داعي للجنازة والتابوت بعض التكاليف في بعض الناس خسارة!

بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
17/04/2018
2597