+ A
A -
الشعوب حينما لا يروق لها الحاضر ترتد إلى الماضي، فيعتريها حنين إلى زمن انصرم منذ عقود أو حتى قبل قرون، من خلال العودة إلى الازياء القديمة، أو زيارة المدن القديمة و الشعور بدفء وجداني خاص خلال هذه الزيارات، ورواج الكتب التي تصور الحياة في حقبة سابقة، و الاحتفاء بتشييد، معمار المنازل بالطرز القديمة، و البحث في كتب الطهي عما كانت تطهيه الجدات ، و ربما عصرنة هذا الطهي القديم بلمسات إضافية في الشكل و المضمون، ففي تايلاند مثلا لوحظ زيادة عدد التايلنديين الذين صاروا يفضلون ارتداء الزي التقليدي القديم، كما ان أعضاء في الحكومة صاروا يحضرون اجتماعاتها في الآونة الأخيرة وهم يرتدون أزياء كان يرتديها الصفوة في البلاد خلال القرن التاسع عشر، كما ارتدت مضيفات الخطوط الجوية التايلندية زيا نسائيا تقليديا قديما
وفي العراق يبحثون الآن عن جثة ورفات الزعيم العراقي الراحل صدام حسين، بعد اكتشاف اختفائها من المقبرة التي كان قد دفن بها في قريته «العوجة» مسقط رأسه التابعة لمدينة تكريت بعد اعدامه، فيتساءلون اين يقع القبر الجديد لهذا الزعيم، ومن نقل الجثمان و لماذا، وذلك في حنين عراقي إلى زمن الأمن و الاستقرار والرخاء النسبي، و ان اعترف بعض العراقيين بمقتهم لديكتاتوريته .
و في دول المغرب العربي الشقيقة هناك حمى الحنين إلى الماضي الامازيغي، من خلال استحضار و استنساخ الازياء القديمة و العادات و التقاليد الامازيغية و اللغة البربرية كتابة و نطقا، فصارت هناك فضائيات ناطقة بالامازيغية، و قواميس ومعاجم تجمع شتات هذه اللغة .
وعلينا الا نسقط من الذاكرة ان فكرة اقامة الدولة الإسرائيلية على ارض فلسطين هي بالاصل نتاج الاصابة اليهودية بحمى الحنيين إلى الماضي، و التي تضاعفت تداعياتها بعد الهولكست خلال الحرب العالمية الثانية

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
23/04/2018
2329